للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأسواق، وثار العسكر من جهة المقتول، وصاح الناس في البلد بالنفير، وكبروا على الأسطحة، وخرج ابن الماورد في جماعة، فاشتد القتال بين الفريقين، وألقى المغاربة النار في الدور، فخرج وجوه البلد ومشايخهم إلى أبي محمود، وما زالوا به حتى بعث إلى العسكر وقد كادوا يغلبون أهل البلد فكفهم عن القتال؛ وكان ذلك في آخر ذي الحج، فسكن الأمر، وخرج الناس إلى أبي محمود، ودخل صاحب الشرطة المغربي، إلا أن أهل الغوطة كانوا قد أووا إلى البلد خوفاً من النهب، وكان فيهم ذعار، وفي المدينة قوم من أهل الشر، فاجتمعوا يأخذون المستضعفين، ويجبون مستغلات الأسواق، ويكبسون المواضع وينتهبونها، فحسنت أحوالهم، وكانوا يكرهون تمكن السلطان، فهلك لذلك كثير من الناس.

ومر صاحب الشرطة في الليل وهو يطوف البلد برجل معه سيف، فأخذه وقتله، فأصبح أهل الشر وقد خشوا من تنديد؟ السلطان لهم، فثاروا بالسلاح إلى صاحب الشرطة، ففر منهم هو وأصحابه إلى معسكرهم، وصعد العامة إلى المآذن، فصيحوا: النفير إلى الجامع.

فثار الناس بالسلاح، وركب عسكر أبي محمود وطرحوا النار فيما بقى، واشتد القتال، وكثر القتل والحريق، وعظم الخوف على البلد، وعلا الضجيج، وذلك لثلاث خلون من المحرم سنة أربع وستين.

فبات الناس على ذلك، وأصبحوا وقد اشتدت الحرب وقويت الدماشقة ونشأ فيهم من أهل الشر غلام يقال له ابن شرارة وقد ترأس، وآخر يقال له ابن بوشرات وابن المغنية، وقسم لكل واحد منهم حزب بأعلام وأبواق، فأظهرت المغاربة قوتها وبذلوا سيوفهم في كل من قدروا عليه من الرعية ممن وجدوه بظاهر البلد.

واستمر القتال أكثر من المحرم، فخرج قوم المستورين إلى أبي محمود وما زالوا به حتى أجابهم إلى الصلح، وصرف صاحبي شرطته، وولى أبا الثريا من بانياس أميرا كان على الأكراد، فعبر البلد أول صفر وقد أكمن له عدة من أهل الشر، فثاروا به، ووضعوا السلاح في أصحابه، فقتل من أصحابه، وانهزم إلى أبي محمود، فركب العسكر وأخذوا كثيرا من

<<  <  ج: ص:  >  >>