للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة خمس عشرة وخمسمائة (١):

فيها قتل الأفضل بن أمير الجيوش يوم الأحد سلخ شهر رمضان وعمره سبع وخمسون سنة، لأنّ مولده بعكا سنة ثمان وخمسين وأربعمائة. وكان سبب ذلك أنه لمّا كان ليلة عيد الفطر جهّز ما جرت العادة بتجهيزه من الدّوابّ والآلات لركوب الخليفة (٢)، وجلس بين يديه إلى أن عرضت الطبول على العادة كل سنة والدواب والسلاح؛ ثم عاد وأدّى ما يجب من سلام الخليفة فتقدّم إلى القائد أبى عبد الله بن فاتك بأن يأمر صاحب السّير أن يصفّ العساكر إلى صوب باب الخوخة (٣). وركب الأفضل من مكانه والناس على طبقاتهم، وخرج من باب الخوخة قاصدا دار الذهب (٤)، فلما حصل بها وقع التعجّب من الناس فى نزوله ليلة الموسم، ولم يعلم أحد ما قصد؛ وكان قصده أن يكمّل تعليق المجلس الذى يجلس فيه. فصلّى بدار الذهب الظهر، فلما قرب العصر ركب منها وقد انصرف أكثر المستخدمين ظنّا منهم أنه يبيت فيها. فسار إلى الزهرى فإذا الأمراء والأجناد والمستخدمون والرهجية قد اتجهوا لخدمته، وكان قد ضجر وتغيّر خلقه ولا سيّما فى الصيام. فلما رأى اجتماع الناس وكثرتهم أبعدهم، فتقدّموا ووقفوا عند باب السّاحل، فأنفذ أيضا يخرج من أبعدهم، وبقى فى عدّة يسيرة، وأبعد صبيان السلاح من ورائه؛ فوثب عليه من دكان دقّاق بالملاحين أربعة نفر متتابعين كلّما اشتغل من حوله واحد خرج


(١) ويوافق أول المحرم منها الثانى والعشرين من مارس سنة ١١٢١. وأمام هذا التاريخ بهامش الأصل عبارة تقول: بياض نحو صفحة.
(٢) انظر كتاب صبح الأعشى: ٥٠٨:٣ - ٥١٢؛ النجوم الزاهرة: ٩٤:٤ - ٩٧ لمعرفة وصف موكب الخليفة فى الاحتفال بعيدى الفطر والأضحى.
(٣) بالقرب من قنطرة الموسكى على ما ذكره القلقشندى. وموقعه مما يلى الخليج فى حد القاهرة البحرى ويخرج منه إلى الخليج الكبير. وكان هذا الباب يعرف أولا بخوخة ميمون دبه، ويكنى بأبى سعيد، أحد خدام العزيز بالله. المواعظ والاعتبار: ٤٥:٢؛ صبح الأعشى: ٣٥٠:٣.
(٤) قصر الذهب، أو قاعة الذهب، هو إحدى قاعات القصر الكبير. وبنى قصر الذهب هذا فى عهد العزيز بالله، وكان يدخل إليه من باب الذهب، وكان الخلفاء يجلسون فى هذا القصر أيام المواكب وبه كان يعمل سماط شهر رمضان ومسماط العيدين للأمراء، وبه كان سرير الملك. المواعظ والاعتبار: ٣٨٥:١.