للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة ثمان وسبعين وأربعمائة (١):

فيها قطعت الخطبة من مكة للمستنصر وخطب بها للمقتدى العباسى (٢).

فيها مات أبو الفرج محمد بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين المغربى الملقّب بالكامل؛ وكان قد ولى الوزارة بعد أن صار إلى بلاد المغرب وخدم بها، ثم عاد واتصل بالوزير أبى محمد اليازورى، فأحسن إليه واستخدمه وعنى به، فماقته أبو الفرج البابلىّ.

فلما صارت إليه الوزارة بعد اليازورى قبض عليه فى جملة من قبض عليه من أصحاب اليازورى، واعتقله، فلم يزل معتقلا إلى أن تقرّرت له الوزارة وهو فى السجن، فأخرج وخلع عليه خلع الوزارة عوضا عن أبى الفرج البابلىّ، فلم يؤاخذه بما كان منه فى حقه، بل قابله بالجميل وأحسن إليه إحسانا كبيرا. ولما صرف عن الوزارة اقترح أن يولّى ديوان الإنشاء (٣)، فقرّر فى هذه الرتبة التى يقال لها فى زمننا اليوم كتّاب السر، فاستقرت من بعده وظيفة ورتبة يتقلدها الأكابر.

وفيها مات سليمان بن قطلمش بن إسرائيل بن سلجوق، صاحب قونية وآق سرا من بلاد الروم (٤)، وقام من بعده ابنه قليج أرسلان بن سليمان (٥)؛ فاستردّ منه الفرنج مدينة أنطاكية.


(١) ويوافق أول المحرم منها التاسع والعشرين من أبريل سنة ١٠٨٥.
(٢) يذكر ابن الأثير أن هذا حدث فى سنة ٤٧٩. الكامل: ٥٤:١٠.
(٣) يقول ابن تغرى بردى: وهو أول من ولى كتابة الإنشاء بمصر. النجوم الزاهرة: ١٨:٥. وكان من يتولى هذا المنصب يلقب بالشيخ الأجل، ويقال له كاتب الدست الشريف. ويتسلم المكاتبات الواردة مختومة فيعرضها على الخليفة من بعده، وهو الذى يأمر بتنزيلها والإجابة عنها، ويستشيره الخليفة فى أكثر أموره، ولا يحجب عنه إذا أراد الدخول إليه. وربما بات عند الخليفة ليالى، وجاريه مائة وعشرون دينارا فى كل شهر، ولا سبيل أن يدخل إلى ديوانه بالقصر ولا يجتمع بكتابه أحد إلا الخواص. الخطط: ٤٠٢:١.
(٤) وهو أول سلاطين السلاجقة بأرض الروم (آسيا الصغرى)، حكم بين سنتى ٤٧٠ - ٤٧٨ (١٠٧٧ - ١٠٨٦). وقد قتل فى معركة ضد تاج الدولة تتش صاحب دمشق عندئذ، فقيل إنه قتل نفسه بسكين كانت معه عند ما رأى انهزام عسكره، وقيل قتل فى المعركة بسهم أصابه فى وجهه فوقع عن فرسه ميتا: Mohammadan Dynasties الكامل: ٥٠:١٠؛ النجوم الزاهرة: ١٢٤:٥.
(٥) قليج أرسلان، داود الأول، بدأ حكمه الحقيقى سنة ٤٨٥ (١٠٩٢) بعد فترة من الاضطراب، وكان من رجال ملكشاه السلجوقى الذى أرسله لغزو بلاد الروم ففتح كثيرا من مدنها وتولاها. وانتهت حياته فى معركة بينه وبين جاولى، مملوك السلطان محمد بن ملكشاه، انهزم فيها فألقى نفسه فى نهر الخابور فغرق، فأخرج وحمل تابوته إلى ميافارقين فدفن بها. النجوم الزاهرة: ١٩٠:٥ - ١٩١؛ Mohammadan Dynasties