على كل صندوق شرح ما فيه وجنسه. وخزانة الطيب مملوءة أسفاطا، فيها العود وغيره، مكتوب على كل سفط وزنه وجنسه؛ وبراني بها المسك والكافور وشيء كثير من العنبر. ووجد مجلس يجلس فيه للشرب فيه ثمان جوار متقابلات، أربع منهن بيض من كافور وأربع سود من عنبر، قيام في المجلس، عليهن أفخر الثياب وأثمن الحلى، بأيديهن مذاب من أعظم الجوهر؛ فإذا دخل من باب المجلس ووطىء العتبة نكسن رءوسهن خدمة له بحركات قد أحكمت؛ فإذا جلس في صدر المجلس استوين قائمات.
ووجد له من المقاطع والستور والفرش والمطارح والمخاد والمساند الديباج والدبيقي الحريري والذهب على اختلاف الأجناس أربع حجر، كل حجرة مملوءة من هذا الجنس. ووجد له عدة صناديق ملء خزانة فيها أحقاق ذهب عراقي برسم الاستعمال. ووجد له منقلات عدة تزيد على المائة، ملبسة بالذهب والفضة، مرصعة بالجوهر؛ وثمانمائة جارية منها خمسة وستون حظية لكل واحدة حجرة وخزائن مملوءة بالكسوة والآلات الذهب والفضة من كل صنف.
وكان في مخازنه تحت يد عماله والجباة وضمان النواحي من المال والغلال والحبوب والقطن والكتان والشمع والحديد والخشب وغير ذلك ما يتعب شرحه.
وحمل من داره أربعة آلاف بساط، وستون حملا طنافس، وخمسمائة قطعة بلور، وخمسمائة قطعة محكم برسم النقل، وألف عدل من متاع اليمن والمغرب، وتسعة آلاف سرج.
قال ابن ميسر: وكان الأفضل من العدل وحسن السيرة في الرعية والتجار على صفة جميلة تجاوز ما سمع به قديماً وشوهد أخيرا، ولم يعرف أحد صودر ولا ضبط عليه. ولما حصر الاسكندرية كان به يهودي يبالغ في سبه وشتمه ولعنه، فلما دخل الأفضل البلد قبض عليه وقدمه للقتل وقد عدد عليه ذنوبه، فقال اليهودي: إن معي خمسة آلاف دينار، خذها مني وأعتقني واعف عني. فقال: والله لولا خشية أن يقال قتله حتى يأخذ ماله لقتلتك؛ وعفا عنه ولم يأخذ منه شيئا. وكان إذا غضب على أحد اعتقله ولم يقتله، فلما مات أطلق من سجنه عشرة آلاف إنسان، فإنه كان إذا اعتقل أحداً نسيه ولا يرى بإخرابه.