(٢) فى أعقاب فتح قلعة جعبر صلحا بعد أن تبين تعذر أخذها بالحصار، وقد عوض نور الدين صاحبها شهاب الدين مالك بن على العقيلى من بنى المسيب الذين كانوا أصحابها من أيام السلطان ملكشاه والذين عجز عماد الدين زنكى عن أخذها منهم وقتل عندها فى أثناء حصاره إياها سنة إحدى وأربعين وخمسمائة، وكان من بين ما تسلمه مالك عوضا عنها: سروج من ديار مضر، والملاحة والباب وبزاعة من أعمال حلب. ولهذا كان نور الدين بحلب لينظم إدارة هذه الأعمال فى أعقاب الصلح. وفى هذه المناسبة يقول أبو شامة على لسان الفرنج: «نور الدين فى البلاد الشمالية والجهة الفراتية، وعسكر الشام متفرق كل فى بلده، حافظ لما فى يده، ونحن ننهض إلى مصر، ولا نطيل بها الحصر، فإنه ليس لها معقل، ولا لأهلها منا موئل». كتاب الروضتين: ٣٨٦:١ - ٣٨٧، ٣٨٩. (٣) يذكر ستيفنسون أن أملريك طمع فعلا فى الاستيلاء على مصر لنفسه غير قانع بالجزية التى كان يدفعها شاور، وقد راسل أملريك إمبراطور الروم، مانويل، يطلب منه عوفا عسكريا فوعده بذلك، وطلب من فرسان المعبد معاونته فى الحملة فرفضوا ذلك، كما رفض غيرهم ليقينهم بأن هذا الاتجاه سيلقى - دون جدال - بمصر فى أحضان نور الدين «لكن أملريك تقدم إلى مصر برغم هذه المعاوضة، ولم ينتظر المدد الذى وعده به الإمبراطور The Crusaders in the East; p .١٩٣. ويذكر لين - بول أن أملريك تقدم إلى مصر مدفوعا برأى رجاله الذين ألحوا عليه فى ذلك وبعد فشله فى إقناعهم بأن الحفاظ على المورد المالى الثابت الذى يصلهم من مصر والاحتفاظ بصداقة رجالها أفضل من القيام بهذه الحملة، كما أن النشاط العسكرى - فى نظره - يجب أن يوجه ضد دمشق لخطورة نور الدين وإصراره على مضايقة الفرنج. انظر: Saladin;p .٩٢ لكن ما يقوله لين - بول نفسه عن معركة بلبيس (فى نفس الموضع) من أن أملريك أقام مذبحة هائلة بين أهلها لم يفرق فيها ? كبير وصغير، ذكر وأنثى - يؤكد إصرار أملريك على القيام بعمل حاسم ضد مصر.