زالت ليالي بني رزّيك وانصرمت ... والحمد والذّمّ فيها غير منصرم
كأنّ صالحهم يوماً وعادلهم ... في صدر ذا الدّست لم يقعد ولم يقم
هم حرّكوها عليهم وهي ساكنةٌ ... والسلم قد تنبت الأوراق في السّلم
كنّا نظنّ، وبعض الظّنّ مأثمةٌ ... بأنّ ذلك جمعٌ غير منهزم
فمذ وقعت وقوع النّسر خانهم ... من كان مجتمعاً من ذلك الرّخم
ولم يكونوا عدوّاً ذلّ جانبه ... وإنمّا غرقوا من سيلك العرم
وما قصدت بتعظيمي عداك سوى ... تعظيم شأنك، فاعذرني ولا تلم
ولو شكرت لياليهم محافظةً ... لعهدها لم يكن بالعهد من قدم
ولو فتحت فمي يوماً بذمّهم ... لم يرض فضلك إلاّ أن يسدّ فمي
والله يأمر بالاحسان عارفة ... منه وينهى عن الفحشاء في الكلم
فشكر شاور عمارة على الوفاء لبني رزيك، ونقم عليه ضرغام قوله: فمذ وقعت ... البيت، وكان يقول له: نحن عندك من الرخم.
ثم إن شاور جهز الخلع إلى العادل نور الدين بالشام، فلبسها يوم الاثنين ثاني عشري رمضان، وقبض المال المسير إليه.
وكتب للأجناد والعرب وحواشي القصر من الرواتب والزيادات نظير مالهم عشر مرات، وهو غير ظاهر للناس والأبواب مغلقة عليه خيفة. وذلك أن الصالح بن رزيك كان قد أنشأ أمراء يقال لهم البرقية، وجعل ضرغام بن عامر بن سوار المذكور الملقب أبا الأشبال فارس المسلمين مقدمهم، ثم صار صاحب الباب؛ فطمع في شاور، وكان فارساً كاتباً، فجمع رفقته؛ وتخوف منه شاور. وصار العسكر فرقتين: ضرغام ومن معه فرقة، وحرب ومن معه حزب. فأما ضرغام فأظهر المباينة، وأما نظراؤه فاختصوا بطي بن شاور وعاشروه ولازموه.