للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة (١)

فيها صرف أبو الكرم التّنّيسى فى ربيع الآخر، وأعيد نظر الدّواوين للقاضى المرتضى المحنك.

وفيها سيّر الحافظ لظهير الدين صاحب دمشق هدايا وخلعا وتحفا (٢).

وفيها خرج رضوان من ثقب نقبه بالقصر. وذلك أنّ الحافظ لمّا اعتقله بالقصر أرسل يسأله فى أشياء، من جملتها زيارة نجم الدّين بن مصال له فى الوقت بعد الوقت، فأجابه إلى ذلك لثقته بابن مصال. فحضر فى يوم من الأيام ابن مصال لخدمة الخليفة، وبدأ بزيارة رضوان، فدخل إليه ومعه مشدّة فيها رقاع بحوائج النّاس ليعرضها على الحافظ، وكانت عادته ذلك؛ فاحتاج إلى الخلاء، فترك مشدّته عند رضوان ودخل الخلاء. فأخذ رضوان الرّقاع ووقّع بخطّه عليها كلها بما يسوغ التوقيع به، وأتربها وطواها فى المشدّة.

وخرج ابن مصال فأخذها ودخل على الحافظ، وقد علم أنّه كان عند رضوان، فقال له:

كيف ضيفنا؟ فقال: على غاية من الشكر لنعمة مولانا وجواره. وأخرج رقعة من تلك الرّقاع ليعرضها على الخليفة فوجد عليها التّوقيع بخط رضوان، فأمسكها وأخرج غيرها، فإذا هى موقّع عليها أيضا. وكان الحافظ يراه، فقال: ما هذا؟ فاستحيا ابن مصال عند ما تداول الخليفة الرّقاع وعليها توقيع رضوان. فقال له الحافظ: يا نجم الدّين، ما زلت مباركا علينا والله يشكر لك ذلك؛ لقد فرّجت عنّا غمّة. فقال: كيف يا مولانا قال:


(١) ويوافق أول المحرم منها الثانى من يونيو سنة ١١٤٧.
(٢) يقول ابن القلانسى: وفى يوم الخميس الحادى والعشرين من شهر ربيع الآخر وصل رسول مصر إلى دمشق بما صحبه من تشريف وقود (بفتح القاف وسكون الواو) ومال برسم ظهير الدين ومعينه على جارى الرسم فى مثل ذلك. ذيل تاريخ دمشق: ٢٩٥. وفى هذا الكلام نظر. أما معين الدين فالمقصود به الأمير معين الدين أنر، وصى أمير دمشق والمتسلط على مقاليدها. وأما لقب الأمير فهو مجير الدين لا ظهير الدين، وهو مجير الدين أبق الذى تولى أمر دمشق سنة أربع وثلاثين وخمسمائة وبقى بها حتى تسلمها منه نور الدين محمود فى سنة تسع وأربعين وخمسمائة. ولم يتلقب بلقب ظهير الدين من هذه الأسرة البورية إلا مؤسس دولتها ظهير الدين سيف الإسلام طغتكين، جد مجير الدين أبق، وقد توفى فى سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة. راجع الكامل لابن الأثير: ١٠، ١١ فى مواضع؛ وذيل تاريخ دمشق؛ والنجوم الزاهرة؛ وكتاب الروضتين؛ وغيرها من المراجع التى تتناول هذه الفترة.