وكانت محاسنه كثيرة. وهو أول من أفرد مال المواريث ومنع من أخذ شيء من التركات على العادة القديمة، وأمر بحفظها لأربابها، فإذا حضر من يطلبها وطالعه القاضي بثبوت استحقاقه أمره في الحال بإطلاق ما ثبت له. واجتمع بمودع الحكم من مال المواريث التي تنتظر وصول مستحقها من شرق الدنيا وغربها مائة ألف وثلاثون ألف دينار، فرفع إليه قاضي القضاة ثقة الملك أبو الفتح مسلم بن علي الرأس عيني لما ولى أن قد اعتبرت ما في مودع الحكم من مال المواريث فكان مائة ألف دينار، ورفعها إلى بيت المال أولى من تركها في المودع، فإن لها السيرة الطويلة لم يطلب شيء منها. فوقع رقعته: إنما قلدناك الحكم ولا رأي لنا فيما لا نستحقه، فاتركه على حاله لمستحقيه ولا تراجع فيه. فأخذها هذا القاضي غرفاً.
وبلغ ارتفاع خراج مصر في أيامه لسنة خمسة آلاف ألف دينار، ومتحصل الأهراء ألف ألف إردب. وبنى في أيامه من المساجد والجوامع جامع الفيلة بالجرف المعروف بالرصد والمسجد المعروف بالجيوشي على سطح الجبل. وبنى مئذنة جامع عمرو بمصر الكبيرة والمئذنة السعيدة به أيضا والمئذنة المستجدة وجامع الجيزة. وعمل خيمة الفرح التي سميت بالقاتول، اشتملت على ألف ألف وأربعمائة ألف ذراع من الثياب، وقائم ارتفاع