للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة تسع وسبعين وأربعمائة (١):

فيها قدم الحسن بن الصّباح، رئيس الطائفة الباطنيّة من الإسماعيلية، إلى مصر فى زىّ تاجر، واتصل بالمستنصر واختصّ به، والتزم أن يقيم له الدعوة فى بلاد خراسان وغيرها من بلاد المشرق. وكان الحسن هذا كاتبا للرئيس عبد الرزّاق بن بهرام بالرىّ، فكاتب المستنصر، ثم قدم عليه (٢). ثم إنّ المستنصر بلغه عنه كلام، فاعتقله، ثم أطلقه. وسأله ابن الصّباح عن عدّة مسائل من مسائل الإسماعيلية فأجاب عنها بخطه. ويقال إنه قال له: يا أمير المؤمنين، من الإمام من بعدك، فقال له ولدى نزار (٣).

ثم إنّه سار من مصر بعد ما أقام عند المستنصر مدّة وأنعم عليه بنعم وافية. فلما وصل إلى بلاده نشر بها دعوة المستنصر وبثّها فى تلك الأقطار، وحدث منه من البلاء بالخلق ما لا يوصف مما قد ذكر فى أخبار المشرق. ثم قام من بعد المستنصر بدعوة ابنه نزار، وكان بسبب ذلك فى مصر من الانقلاب ما نهتمّ به إن شاء الله تعالى. وأخذ ابن الصّباح أصحابه بجمع الأسلحة ومواعدتهم، حتى اجتمعوا له فى شعبان سنة ثلاث وثمانين، ووثب بهم فأخذ قلعة ألموت، وكانت لملوك الديلم من قبل ظهور الإسلام، وهى من الحصانة فى غاية.

واجتمع الباطنية بأصبهان مع رئيسهم وكبير دعاتهم أحمد بن عبد الملك بن عطّاش، وملكوا قلعتين عظيمتين؛ إحداهما يقال لها قلعة الدرّ. وكانت لأبى القاسم دلف العجلى،


(١) ويوافق أول المحرم منها الثامن عشر من أبريل سنة ١٠٨٦.
(٢) والحسن الصباح هذا رأس الأسرة التى استوطنت قلعة ألموت واتخذتها حصنا لها تبسط منه دعوتها الباطنية الغالية فيما جاورها من البلاد، وإلى أبعد من ذلك أيضا - كما يتضح من النص - توفى الحسن هذا سنة ٥١٨ Mohammadan Dynasties
(٣) سيرد بعد هذا، عند الحديث عن وفاة المستنصر، أن الأفضل بن بدر الجمالى نحى نزارا عن ولاية العهد، فثار بالإسكندرية واتخذ لنفسه لقب المصطفى لدين الله.