للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة.]

فى يوم الاثنين لثلاث خلت من شوال قبض العزيز بالله على الوزير يعقوب بن كلّس وعلى الفضل بن صالح وأخوته، وحمل ما فى دورهم إلى القصر، فكان ما حمل من دار الوزير يعقوب مائة ألف دينار، واعتقل كلّ واحد بمفرده، فارتجّت المدينة، ونهبت الأسواق، وكانت الدواوين (١) تجلس فى دار الوزير، فنقلوا إلى القصر.

وعملت أوراق ما كان للوزير من أنواع البرّ فبلغت ألف دينار كل شهر، فأمر العزيز باجرائها على أربابها، ثم أفرج عنهم بعد شهرين، وأعيد موجودهم، وأعيد الوزير إلى وزارته، ورد إليه المائة ألف دينار التى أخذت له، وأعيد اسمه إلى الطراز (٢) بعد ما محى.

وفيها كان غلاء عظيم عمّ بلاد الشام والعراق.

وفيها مات هفتكين، فاتهم الوزير يعقوب بأنه سمّه، فقبض عليه.

ومات القاضى محمد بن الحسن بن أبى الربس (٣).

ومات أبو العباس بن سبك من الإخشيدية.


(١) الدواوين هنا بمعنى موظفى الدواوين.
(٢) هذا تقليد جديد أن يثبت اسم الوزير مع اسم الخليفة على الطراز، أى على المنسوجات التى تنسج فى دار الطراز الخاصة، وقد بدأ هذا التقليد كما نرى منذ أوائل العصر الفاطمى.
و «الطراز كلمة ايرانية معربة كانت تعنى المدبج (البرودرى): ثم أطلقت على الرداء المحلى بالمدبج اذا كانت تلك الحلية أشرطة من الكتابة، واخيرا صارت تطلق على المصنع الذى تطرز فيه هذه الأشرطة؛ ولقد كان من عادة ملوك ايران قبل الاسلام أن يزينوا ملابسهم بصور الملوك وبأشكال معينة، تمييزا لها عن غيرها واشعارا بما للابسها من السلطان، ويتخذون ذلك شعارا لهم يختصون به دون سواهم، ولقد ورث المسلمون عنهم هذه العادة ولكنهم اعتاضوا عن الصور والرسوم بكتابة أسماء خلفائهم مصحوبة بصيغة خاصة من صيغ الدعاء أو المدح؛ وقد كانت هذه الكتابة تنسج فى لحمة الثوب وسداه؛ أو تطرز بعد نسجه بخيوط من الذهب أو الفضة أو الحرير الذى يختلف لونه عن لون الثوب المزركشة عليه، وقد اتخذ الخلفاء ذلك حقا لهم وحدهم اختصوا به أنفسهم دون غيرهم، واعتبروه من علامات سلطانهم كذكر اسمهم فى خطبة الجمعة والعيدين، أو نقشه على السكة سواء بسواء، واعتنوا به عناية خاصة، فأنشئوا مناسج حكومية كانوا يعهدون اليها بعمل تلك الثياب؛ وأطلقوا عليها اسم «دور الطراز».
(مرزوق: الزخرفة المنسوجة، ص ٢١ وما بعدها؛ وما به من مراجع).
(٣) كذا فى الأصل دون نقط.