للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة ست وثلاثين وخمسمائة (١)

فى ليلة الثلاثاء الثانى عشر من ربيع الأوّل سقطت صاعقة أحرقت ركن منارة الجامع العتيق.

فى شعبان غلت الأسعار وعدم القمح والشعير، فبلغ القمح كلّ إردبّ إلى تسعين درهما والدقيق إلى مائة وخمسين للحملة (٢)، والخبز إلى ثلاثة أرطال بدرهم، والويبة من الشّعير إلى سبعة دراهم، والزّيت الطيب إلى سبعة دراهم للرطل، والجبن إلى درهمين للرطل والبيض إلى عشرين درهما للمائة، والزيت الحار إلى درهم ونصف للرطل، والقلقاس كل رطلين بدرهم؛ وعدم الفرخ والدجاج فلم يقدر على شيء منه. وعمّ الوباء، وكثر الموتان.

وفيها مات أحمد بن مفرّج بن أحمد بن أبى الخليل الصّقلىّ الشاعر، المعروف بتلميذ ابن سابق؛ وكان فاضلا ذكيّا يتصرّف فى عدّة فنون، وله رسائل حسنة وشعر جيّد.

وكان الشعراء فى أيام الحافظ قد أطنبوا فى المديح وتناهوا فى إطالة القصائد حتى صار الإنشاد يؤدّى إلى قصر الوقت الذى جرت العادة باستماع أشعارهم فيه، لطول مثولهم بالخدمة؛ فخرج الأمر إليهم بالاختصار فيما ينشدونه من الأشعار. فقال أحمد بن مفرّج (٣) يخاطب الخليفة:

أمرتنا أن نصوغ المدح مختصرا … لم لا أمرت ندى كفّيك يختصر

والله لا بدّ أن تجرى سوابقنا … حتى يبين لنا فى مدحك الأثر

فأمروا بالاستمرار على ما هم عليه من الإطالة فى الإنشاد.


(١) ويوافق أول المحرم منها السادس من أغسطس سنة ١١٤١.
(٢) الحملة تساوى ثلاثمائة رطل بالمصرى، والرطل المصرى مائة درهم وأربعة وأربعون درهما أو اثنتا عشرة أوقية قوانين الدواوين: ٣٦٥، ٤٥٥.
(٣) فى خريدة القصر قسم شعراء مصر: ٦٤:٢ - ٦٥، تعريف موجز بالشاعر، ويتضمن أبياتا خمسة من شعره منها البيتان المذكوران هنا. ومنها بيت منفرد فى وصف الغيث يقول فيه:
ومن العجائب أن أتى من نسجه … وخيوطه بيض - بساط أخضر