للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة احدى وثلاثين وخمسمائة (١)

فيها تكاثر حضور أقارب بهرام وإخوته، وأهله وقومه؛ ومجيئهم من ناحية تلّ باشر (٢) وكانوا مقيمين بها، ولهم فيها كبير منهم يتولّى أمرهم؛ وقدموا أيضا بلاد الأرمن، حتى صار منهم بديار مصر نحو الثلاثين ألف إنسان. فعظم ضررهم بالمسلمين وكثرت استطالتهم، واشتدّ جورهم، وتظاهروا بدين النّصرانيّة، وأكثروا من بناء الكنائس والدّيارات، وصار كلّ رئيس منهم يبنى له كنيسة بجوار داره.

وتفاقم الأمر. فخاف الناس منهم أن يغيّروا الملّة الإسلامية ويغلبوا على البلاد فيردّوها دار كفر؛ فتتابعوا فى الشكاية من أهل بهرام وأقاربه.

ووردت الأخبار من قوص بأن الباساك، أخا بهرام (٣)، قد جار على النّاس واستباح أموالهم، وبالغ فى أذيّتهم وظلمهم، فاشتدّ ذلك على النّاس، وعظم على الأمراء ما نزل بالمسلمين؛ فبعثوا إلى أبى الفتح رضوان بن ولخشى - وكان مقدّما فيهم لكثرة نعوته بفحل الأمراء وهو يومئذ يتولى الغربيّة - يشكون إليه ما حلّ بالمسلمين ويستحثّونه على المصير وإنقاذهم مما نزل بهم.

فلمّا وصلت إليه كتب الأمراء تشمّر لطلب الوزارة، ورقى المنبر خطيبا بنفسه فخطب خطبة بليغة حرّض فيها النّاس على الجهاد فى سبيل الله والاجتماع لقتال بهرام وشيعته النّصارى من الأرمن. وكان حينئذ بمدينة سخا (٤)، ثم نزل وحشد الناس من العربان وغيرهم حتى استجاب له نحو من ثلاثين ألفا، فأخرج لهم كتب الخليفة الحافظ إليه


(١) ويوافق أول المحرم منها التاسع والعشرين من سبتمبر سنة ١١٣٦.
(٢) حصن وكورة غربى الفرات شمال حلب، ويقدر ياقوت المسافة بينهما بيومين، وأهلها من النصارى الأرمن. معجم البلدان: ٤٠٢:٢.
(٣) وإليه تنسب المنية التى تقع بالقرب من أطفيح. نهاية الأرب: ٢٨.
(٤) كورة بمصر، من إقليم الغربية، فتحها خارجة بن حذيفة تحت قيادة عمرو بن العاص. ومن علمائها الحافظ محمد شمس الدين السخاوى صاحب الضوء اللامع فى أعيان القرن التاسع. معجم الأدباء: ٤٦:٥ - ٤٧؛ المواعظ والاعتبار: ٧٠:١؛ الخطط التوفيقية: ١٢:١٢ - ١٨؛ قوانين الدواوين: ١٤٧، ٢٠٥، ٢١٢، ٢١٩.