فيها نقض ملك الروم الهدنة وأغار على بلاد حلب وعلى بلاد أفامية، وكسر عسكر الدزبري المقيم هناك؛ فخرج إليه عسكر حلب فكسرهم على أرمناز. وكان ثمال بن صالح وعمه المقلد بالرقة مالكين لها، فبعثنا إلى متملك الروم بمال وثياب، فطلب منهما ابتياع الرقة كما ابتيعت الرها؛ فضاق الدزبري ذرعاً بذلك وكتب إليهما يرغبهما ويرهبهما، فأجاباه بالاعتذار.
وكان قد مضى قوم من بني جعفر بن كلاب إلى مضيق أفامية وعاثوا في أعمال الروم، فمكن لهم الروم ثم أوقعوا بهم. فبعث الدزبري عسكرا، فلقي الروم فيها حماة وأفامية، فظهر المسلمون عليهم وقتلوا منهم عدة كبيرة؛ فأجمع الدزبري على النهوض إليهم، فهادنوه وما زالوا به حتى سكنت الحرب بينهم وبينه. ثم إن الجند طمعوا في الدزبري وهموا به فساروا له إلى حماة، فقضى عليه أهلها؛ فكاتب مقلد بن منقذ، فحضر إليه من كفرطاب في ألفي راجل واجتمع به؛ ومضى إلى حلب فأقام بها مريضا إلى أن مات يوم الأحد نصف جمادى الآخرة.