للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة احدى وعشرين وخمسمائة: (١)

فيها أحضر الموفق فى الدين أبو الحسن على بن إبراهيم بن نجيب الدّولة، داعى اليمن، الذى سيّره الوزير المأمون بن البطائحى، فدخل فى يوم عاشوراء على جمل بطرطور، ومعه مشاعليّة بهيئة ملائكة، وخلفه قرد يصفعه، وهو يقول بقوة نفس: والله لا ألتفت. فأدخل خزانة البنود وسجن مع المأمون.

فيها كثرت مصادرة الرّاهب للكتّاب والعمال، وتسلسل الأمر إلى التجار وأرباب الأموال، وندب معه مقداد والى مصر وسعد الدولة والى القاهرة للشّدّ منه؛ فتنكّد الناس وخرج كثير من أهل مصر إلى الآفاق. وأخذ الرّاهب يحسّن للآمر أن يحمل إليه مال الأيتام من مودع الحكم (٢).

وفيها مات قاضى القضاة جلال الملك تاج الأحكام، أبو الحجاج يوسف بن أيّوب ابن إسماعيل المغربى الأندلسى (٣)؛ وكان أوّلا قد أقرأ المؤتمن أخا المأمون القرآن والنّحو، فولاّه قضاء الغربيّة، ثم نقل منها إلى قضاء القضاة بعد واقعة ابن الرّسعنى بوساطة المؤتمن.

واستقر بعد وفاته فى قضاء القضاة أبو عبد الله محمد بن هبة الله بن الميسر القيسرانى.

وكان أبو الحجّاج عاقلا. عرض عليه الآمر أن يلى الدّواوين مضافا إلى ما يتولاه


(١) ويوافق أول المحرم منها السابع عشر من يناير سنة ١١٢٧.
(٢) فى سنة تسع وثمانين وثلاثمائة توفى قاضى القضاة محمد بن النعمان وترك عليه دينا للأيتام وغيرهم عشرين ألف دينار، وقيل ستة وثلاثين ألف دينار، فختم برجوان على جميع ما ترك، وطالب الأمناء والعدول من أعوان ابن النعمان بأموال اليتامى المتبقية عليهم فى ديوان القضاء فاعترف البعض بما عنده وأنكر آخرون. وكان من نتائج ذلك أن أمر الحاكم ألا يودع عند عدل ولا أمين شيء من أموال اليتامى وأن يكتروا مخزنا فى زقاق القناديل تودع فيه أموال اليتامى، وعرف هذا المخزن منذ ذلك التاريخ بالمودع. انظر الجزء الثانى من هذا الكتاب فى أحداث سنة ٣٨٩.
(٣) يذكر ابن العماد فى أخبار سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة نبأ وفاة الفقيه العلامة أبى الحجاج يوسف بن عبد العزيز نزيل الإسكندرية وأحد الأئمة الكبار فى الأصول والفروع، روى البخارى عن واحد عن أبى ذر ومسلما عن أبى عبد الله الطبرى. شذرات الذهب: ٦٧:٤. ولعله نفس الفقيه المذكور هنا فى المتن، وقد يؤيد ذلك أن نشاط المؤتمن، أخى المأمون، وهو تلميذ أبى الحجاج كان متركزا، فى معظمه، فى الإسكندرية.