وكان سبب قتله أن المهدى لما استقامت له البلاد باشر الأمور بنفسه، وكفّ يد أبى عبد الله ويد أخيه أبى العباس، فداخل أبا العباس الحسد، وعظم عليه الفطام عن الأمر والنهى، والأخذ والعطاء، فأقبل يزرى على المهدى فى مجلس أخيه، ويتكلم فيه، وأخوه ينهاه، ولا يزيده ذلك إلا لجاجا، ولام أخاه وقال له:
«ملكت أمرا، فجئت بمن أزالك عنه، وكان الواجب عليه أن لا يسقط حقّك».
وما زال به حتى أثّر فى قلب أبى عبد الله، وقال للمهدى:
«لو كنت تجلس فى قصرك وتتركنى مع كتامة آمرهم وأنهاهم، لأنى عارف بعاداتهم لكان ذلك أهيب لك فى أعين الناس».
وكان قد بلغ المهدى ما يجهر به أبو العباس، فردّ ردا لطيفا، وأسرّ ذلك فى نفسه.
وأخذ أبو العباس يسرّ إلى المقدمين بما فى نفسه، ويقول.
«ما جازاكم على ما فعلتم، بل أخذ هو الأموال من إيكجان، ولم يقسمها فيكم».
وكل ذلك يبلغ المهدى وهو يتغافل، فزاد أبو العباس فى القول، حتى قال:
«إن هذا ليس بالذى كنا نعتقد طاعته وندعو إليه، لأن المهدى يأتى بالآيات الباهرة».
فأثّر ذلك فى قلوب كثير من الناس، حتى إن بعضهم من كتامة واجه المهدىّ بذلك وقال:
«إن كنت المهدى فأظهر لنا آية، فقد شككنا فيك».
فقتله المهدى.
وخافه أبو عبد الله، وعلم أن المهدى قد تغيّر عليه، فاتفق مع أخيه بجماعة من كتامة على المهدى، ودخلوا عليه مرارا، فلم يجسروا على قتله، ونقل ذلك إلى المهدى من رجل