للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان يوافقهم على ما هم فيه، ثم يأتى المهدىّ فيخبره، فأخذ المهدى فى تفريق القوم فى البلاد، وكان كبيرهم أبو زاكى تمام بن معارك الإيكجانى، فسيّره واليا على طرابلس، وكتب إلى عاملها سرا بقتله عند وصوله، فلما وصل أبو زاكى قتله العامل، وأرسل برأسه إلى المهدى، فأمر حينئذ بقتل جماعة، وأعد رجالا لأبى عبد الله وأخيه أبى العباس، فلما وصلا إلى قرب القصر حمل القوم على أبى عبد الله، فقال: «لا تفعلوا» فقالوا له: «إن الذى أمرتنا بطاعته أمرنا بقتلك»، فقتل هو وأخوه فى اليوم الذى قتل فيه أبو زاكى، وذلك يوم الاثنين للنصف من جمادى الآخرة سنة ثمان وتسعين ومائتين بمدينة رقادة، وصلى عليه المهدى، وقال:

«رحمك الله أبا عبد الله وجزاك خيرا بجميل سعيك».

وثارت فتنة بسبب قتلهما، وجرّد أصحابها السيوف، فركب المهدى وأمّن الناس فسكنوا، ثم تتبعهم حتى قتلهم.

وثارت فتنة ثانية بين كتامة وأهل القيروان قتل فيها خلق كثير، فخرج المهدى وسكّن الفتنة، وكفّ الدعاة عن طلب التشيع من العامة.

وكان أبو عبد الله من الرجال الدهاة الخبيرين بما يصنعون، أحد رجالات العالم القائمين بنقض الدول وإقامة الممالك العظيمة من غير مال ولا رجال.

ولما قتل أبو عبد الله واستقام أمر المهدى عهد إلى ولده أبى القاسم بالخلافة، ورجعت كتامة إلى بلادهم فأقاموا طفلا، وقالوا: «هذا هو المهدى»، ثم زعموا أنه يوحى إليه، وزعموا أن أبا عبد الله لم يمت، فبعث إليهم المهدى ابنه أبا القاسم، فقاتلهم حتى هزمهم، واتبعهم إلى البحر، وقتل منهم خلقا كثيرا، وقتل الطفل الذى أقاموه.

ثم إن أهل صقلية خالفوا على المهدى، فأنفذ إليها، وقتل من أهلها.

وخالف عليه أهل تاهرت، فغزاها، وقتل أهل الخلاف، وتتبع بنى الأغلب، فقتل منهم جماعة برقادة.

فلما كان سنة إحدى وثلاثمائة جهّز المهدىّ العساكر من إفريقية مع ولده أبى القاسم إلى مصر، فساروا إلى برقة، واستولوا عليها فى ذى الحجة، وساروا إلى الاسكندرية والفيوم