للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة ست وعشرين وخمسمائة (١)

فى يوم الثلاثاء سادس عشر المحرّم ركب أبو على أحمد بن الأفضل إلى رأس الطابية ليعرّق فرسا فى الميدان بالبستان الكبير خارج باب الفتوح من القاهرة، وللعب بالكرة (٢) على عادته؛ فجاء وهو هناك عشرة من صبيان الخاص الّذين تحالفوا على قتله متى ظفروا به جميعا أو فرادى، فصاح أبو على، عادة من يسابق بخيل: راحت، فقال العشرة: عليك، وحملوا عليه وطعنوه حتى قتل. فأدركه أستاذ من أستاذيه وألقى نفسه عليه فقتلوه معه.

واجتمع الأربعون عنانا واحدا وجاءوا إلى القصر وفيهم يانس، وكان مستوحشا من أبى على، فأخرجوا الحافظ من الخزانة التى كان معتقلا بها، وفكّوا عنه القيد وأجلسوه فى الشباك على منصة الخلافة، وقالوا: ما حرّكنا على هذا إلاّ الأمير يانس. فاجتمع الناس، وأخذ له العهد على أنّه ولىّ عهد كفيل لمن لم يذكر اسمه (٣).

ونهب فى هذا اليوم كثير من الأسواق والدّور والحوانيت؛ وصار ذلك عادة مستقرة وشيئا معهودا فى كل فتنة.

وحمل رأس أبى على إلى القصر. وكان قد أسقط منذ أقامه الجند ذكر إسماعيل بن جعفر الصّادق الذى تنسب إليه الطائفة الإسماعيليّة. وأزال من الأذان قولهم فيه: «حىّ على خير العمل، محمد وعلىّ خير البشر»؛ وأسقط ذكر الحافظ من الخطبة؛ واخترع لنفسه دعاء يدعى به على المنابر وهو: «السّيد الأجلّ الأفضل، سيّد ممالك أرباب


(١) ويوافق أول المحرم منها الثالث والعشرين من ديسمبر سنة ١١٣١.
(٢) من ألعاب الفروسية، وهى اللعبة المعروفة الآن بلعبة البولو Polo . وكان يقام لها احتفال خاص يخرج فيه الخليفة أو الأمير فى موكب رسمى. ومن أدواتها الكوجان أو الصولجان وهو المحجن الذى تضرب به الكرة، وهو عصا مدهونة برأسها خشبة معقوفة. وكانت عادة السلطان - زمن المماليك - أن يركب للعب بالكرة بعد وفاء النيل ثلاثة مواكب متوالية فى كل سبت يخرج أول النهار من باب الإصطبل وينزل إلى قصوره، ومعه الأمراء على منازلهم، ثم يركب للعب بعد صلاة الظهر، ثم ينزل ليستريح ويستمر الأمراء فى اللعب إلى أذان العصر. ثم يعود بعد صلاة العصر إلى قصره. صبح الأعشى: ٤٧:٤، ٤٥٨:٥؛ المواعظ والاعتبار: ١٩٧:٢؛. Dozy:Supp.Dict.Ar . .
(٣) كانت البيعة الأولى عقب مقتل الآمر بيعة بولاية العهد على أن يكون كفيلا للحمل الذى ذكر الآمر أنه يتوقعه. أما هذه المرة فكانت البيعة بالخلافة أصالة. الكامل: ٢٤٠:١٠؛ نهاية الأرب: ٢٨.