للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لانصراف، فقال: «لا تبرح يا نزار»، فوقفت حتى إذا لم يبق أحد بين يديه غيرى استدنانى وقال:

«بحياتى يا نزار إذا سألتك عن شيء تصدقنى؟».

قلت: «نعم يا مولانا».

قال: «التفتّ إليك [فرأيتك] (١) وقد أعجبتك نفسك، وأنت تنظر إلىّ وإلى نفسك وإلى إخوتك، وأنا أسارقك النظر - وأنت لا تعلم -، فقلت فى نفسك: ترى هذا الأمر يصير إلىّ وإخوتى حولى؟».

قال: «فاحمرّ وجهى، ودنوت منه فقبّلت بين يديه (٢)، وقلت - وقد غلبنى البكاء:

«يجعل الله جميعنا فداك».

فقال: «دع عنك هذا؛ كان كذا؟».

قلت: «نعم يا مولانا، فكيف عرفته؟».

قال: «حزرته عليك، ثم لم أجد نفسى تسامحنى فى إعجابك بنفسك على شيء سوى هذا الأمر، فهو صائر إليك، فأحسن إلى إخوتك وأهلك، خار الله لك ووفّقك».

وقد تقدّم أن المعزّ لما مات كتم موته إلى يوم النحر فأظهرت وفاته، فركب العزيز بالمظلّة، وخطب بنفسه، وعزّى نفسه، والناس تسلّم عليه بالخلافة، وركب إلى قصره فسلّم عليه عمّاه: حيدرة وهاشم، وعمّ أبيه: أبو الفرات، وعمّ جدّه: «أحمد بن عبيد الله».

[وقال ابن الأثير]

«لما استقرّ العزيز فى الملك أطاعه العسكر واجتمعوا عليه، وكان هو يدبّر الأمر منذ مات والده إلى أن أظهره؛ ثم سيّر إلى المغرب دنانير عليها اسمه فرّقت فى الناس؛ وأقرّ يوسف ابن بلكّين على ولاية إفريقيّة، وأضاف إليه ما كان أبوه استعمل عليه غير يوسف، وهى


(١) ما بين الحاصرتين عن (ابن ميسر: تاريخ مصر، ص ٤٨)
(٢) النص عند ابن ميسر: «فقبلت يديه»