فيها قتل ناصر الدين الحسين بن ناصر الدولة الحسن بن الحسين بن عبد الله أبي الهيجاء بن حمدان بن حمدون بن الحارث بن لقمان بن الرشيد بن المثنى بن رافع بن الحارث ابن غطيف بن مجربة بن حارثة بن مالك بن جشم، أحد الأراقم، بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن ثعلب بن وائل بن قاسط بن فيد بن أقصى بن داغمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة الفرس بن نزار بن معد بن عدنان التغلبي. وكان سبب فنائه أنه لما استولى على أمور الدولة وبالغ في إهانة المستنصر وتتبع أقاربه وحواشيه، وأخذ من قدر عليه منهم، وفر من وجد سبيلا إلى الفرار، كان يولي الرجل بعض الأعمال ويسيره إليه فلا يتمكن من ذلك العمل حتى يكتب إليه بأن يعود، ويبعث غيره. وشرع في قطع دعوة المستنصر وإعمال الرأي في إقامة الخطب للخليفة القائم بمصر والقاهرة، وأن يزيل من البلاد دولة الفاطميين ويمحو آثارها، فلم يستطع ذلك ولا قدر عليه لكثرة الأعوان والأتباع. وكان من جملة رجال الدولة إلدكز، وهو أحد الأمراء، ففطن لما يريده ناصر الدولة من قطع خطبة المستنصر وإقامة دعوة بني العباس، فتشاور هو والأمير يلدكوز، وكانا من أكابر الأتراك، وأنكرا، ما يتفق من ناصر الدولة وتخوفا من عاقبة ذلك. وصارا إلى بقية الأتراك وأعلماهم أنه إن تم لناصر الدولة ما يحاوله لم يبق منهم أحدا، والرأي مبادرته قبل أن يستفحل أمره؛ فتقرر الأمر على القيام عليه وقتله.
وكان ناصر الدولة قد اغتر بقوته، وظن أنه قد أمن، وأن أعداءه قد تلاشوا وتلفوا، فأتاه الله من حيث لم يحتسب، وأناخ به عواقب بغيه، فلم يشعر إلا وقد ركب الأتراك بأجمعهم