فيها مات الخليفة أبو القاسم أحمد المستعلى بالله بن المستنصر في ليلة السابع عشر من صفر، وعمره سبع وعشرون سنة وشهر واحد وتسعة وعشرون يوماً، ومدة خلافته سبع سنين وشهر واحد وعشرون يوماً.
نقش خاتمه الإمام المستعلى بالله.
وفي أيامه اختلت دولتهم وضعف أمرهم، وانقطعت من أكثر مدن الشام دعوتهم؛ وانقسمت البلاد الشامية بين الأتراك الواصلين من العراق وبين الفرنج؛ فإنهم، خذلهم الله، دخلوا بلاد الشام، ونزلوا على أنطاكية في ذي القعدة سنة تسعين وأربعمائة وتسلموها في سادس عشر رجب سنة إحدى وتسعين؛ وأخذ وامعرة النعمان في سنة اثنتين وتسعين؛ وأخذوا الرملة ثم بيت المقدس في شعبان؛ ثم استولوا على كثير من بلاد الساحل، فملكوا قيسارية في سنة أربع وتسعين بعد ما ملكوا عدة بلاد.
وفي أيامه أيضاً افترقت الإسماعيلية فصاروا فرقتين: نزارية، تعتقد إمامة نزار وتطعن في إمامة المستعلى، وترى أن ولد نزار هم الأئمة من بعده يتوارثونها بالنص؛ والفرقة المستعلوية، ويرون صحة إمامة المستعلى ومن قام بعده من الخلفاء بمصر. وبسبب ذلك حدثت فتن وقتل الأفضل فيما يقال وقتل الآمر، كما يأتي ذكره إن شاء الله تعالى.
ولم يكن للمستعلى سيرة فتذكر، فإن الأفضل كان يدبر أمر الدولة تدبير سلطنة وملك لا تدبير وزارة.