مجلس معد ومعتاد. وصاحب هذا الديوان هو الذي يتحدث في الإقطاعات، ويخلع عليه، وهو لاحق بديوان النظر، ويجلس بالمرتبة والمسند والدواة والحاجب.
والتوقيع بالقلم الجليل يسمى الخدمة الصغرى، ولمتوليها الطراحة والمسند بغير حاجب، بل ويندب له فراش لترتيب ما يوقع عليه، ولا يوقع الخليفة عليه بيده إذا كان وزيره صاحب سيف إلا في أربعة مواضع: إذا رفعت إليه قصة وقع عليها يعتمد ذلك إن شاء، أو كتب بجانبها الأيمن يوقع بذلك، فيخرج إلى صاحب ديوان المجلس دون غيره فيوقع جليلا، ويدخل بها إلى الخليفة ثانيا فيضع علامته عليها. وكانت علامتهم كلهم الحمد لله رب العالمين؛ ثم يخرج بها فتثبت في الدواوين. أو يوقع في مسامحة، أو تسويغ، أو تحبيس ما مثاله: قد أنعمنا بذلك، أو قد أمضينا ذلك. فإذا أراد الخليفة الاطلاع على شيء وقع ليخرج الحال في ذلك، فإذا خرج الحال عاد إليه ليعلم عليه، فإن كان الوزير صاحب سيف وقع الخليفة بخطه: وزيرنا السيد الأجل، واللقب المعروف به، أمتعنا الله ببقائه، يتقدم بإنجاز ذلك إن شاء الله. فيكتب الوزير تحت خطه. يمتثل أمر مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه، ثم يثبت في الدواوين.
ولديوان الجيش مستوف مسلم له غيرة، ويجلس بطراحة لحركة العرض والحلي والشيات. وفي هذا الديوان خازنان برسم رفع الشواهد، فإذا عرض الجندي حلي وذكرت صفات فرسه، ولا يثبت له إلا الفرس الجيد، ولا يثبت له برذون ولا بغل، ويقف بين يدي هذا المستوفي نقباء الأجناد لإنهاء أمور الأجناد، وفسح للأجناد في آخر الدولة أن يقابض بعضهم بعضاً.
وديوان الرواتب فيه أسماء كل مرتزق في الدولة ضمن له جار وجراية، وكاتبه يجلس بطراحة وتحت يده عشرة كتاب، وترد إليه التعريفات من سائر الأعمال باستمرار ما هو مستمر ومباشرة من يستجد وموت من مات ليوجب استحقاقه.