للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة احدى وخمسين وأربعمائة (١):

فيها سار الأمير أبو الحارث البساسيرى من بغداد فملك البصرة وواسط، وأقام بهما الدعوة للمستنصر، وخطب له فى عامّة تلك الأعمال. وبلغ طغرلبك ما كان من أخذ بغداد وقطع الخطبة العباسية منها، فكاتب ألب أرسلان بن داود أخيه، فقدم عليه فى إخوته بعسكر كبير، واجتمعوا على محاربة إبراهيم بن ينال، فكانت الغلبة لطغرل بك، فأخذه أسيرا وقتله فى تاسع جمادى الآخرة. وتوجّه يريد بغداد، وبعث إلى البساسيرى وإلى قريش بن بدران يأمرهما بردّ الخليفة القائم إلى بغداد، وإقامة الخطبة له على عادته، وردّه إلى تخت خلافته، ويعدهما أنهما إن فعلا ذلك رجع عن العراق ولم يدخل بغداد، وأنه يقنع بأن يخطب له فيها وتضرب السّكّة باسمه. فامتنع البساسيرى من ذلك وأبى إلاّ الإقامة على ما هو عليه. فسار طغرلبك يريد بغداد فأحدر البساسيرى أولاده وحرمه من بغداد إلى واسط ونوى العود. وعند ما قارب طغرلبك بغداد بعث إلى قريش يشكر ما كان من صنيعه مع الخليفة القائم، وجهز إلى بكر بن فورك لإحضار الخليفة؛ فوافى حلة بدر بن مهلهل وقد وصل الخليفة وابن مهارش فى تلك الساعة، فركب هو وابن فورك وأركبا الخليفة وخدماه؛ وأتته هدايا بدر.

وبعث طغرلبك بوزيره عميد الملك أبى نصر منصور الكندرى (٢) والأمراء والحجّاب


(١) ويوافق أول المحرم منها السابع عشر من فبراير سنة ١٠٥٩.
(٢) بهامش الأصل تعليقه نصها: «بخطه: منصور بن محمد بن نصر أبو نصر الكندرى عميد الملك. وقيل محمد بن أبى صالح محمد بن منصور الكندرى الخراجى، من بنى شيبان. ولد بناحية كندر من قرى نيسابور فى سنة خمس عشرة وأربعمائة؛ قرأ الأدب وخدم السلطان طغرلبك فنقم عليه وخصاه ثم رق له واستوزره، وقدم معه بغداد، فلقبه الخليفة القائم بأمر الله وزير الوزراء. وكان يتكلم بالعربى والفارسى والتركى؛ وله نظم ونثر جيد؛ ويعرف الكلام على مذهب المعتزلة. ولما مات طغرلبك وولى بعده ابن أخيه ألب أرسلان بن داود أقره على وزارته ثم عزله بنظام الملك بعد شهرين، وأخرجه من الرى. وأخذ جميع ضياعه وفرشه وغلمانه، ثم أمر بقتله، فقتل فى مروالروذ صبرا بالسيف، وحمل رأسه إلى كرمان فى صفر سنة سبع وخمسين وأربعمائة». اه.