عشرة آلاف دينار ليسيّر إليه الخليفة القائم على حال جميلة؛ وعزم على أنه إذا وصل تلقّاه أحسن لقاء وبالغ فى إكرامه. ويقال إنه بنى القصر الغربى لينزله فيه، ويحمل إليه ما ينسيه به ما كان فيه من إقامة الرّواتب السنية، وأن يقرّر له فى كل يوم مائة دينار؛ وأنه إذا ركب المستنصر فى أوقات ركوبه قدّمه بين يديه يحجبه. فإذا أقام على ذلك مدة، وبات وانتشر فى الأقطار خبر ذلك خلع عليه وعقد له ألوية الولاية للعراق، وكتب عهده بتقليده إياه، وسيّره إليه، وأعاده إلى مملكته وخلافته من قبله. فمنعه حادث القدر قبل إدراك ذلك. وكان من جملة أسباب فوات هذا أن البساسيرى لما بعث الكتب إلى المستنصر يعرّفه بإقامة الخطبة له ببغداد كان الوزير حينئذ أبو الفرج محمد بن المغربى، وهو ممّن فرّ من البساسيرى وصار إلى القاهرة، فحذّر المستنصر من البساسيرى وخوّفه عاقبته؛ فتركت أجوبته مدّة، ثم عادت الأجوبة بخلاف ما أمّله البساسيرى؛ ثم قدم طغرلبك فانتصر عليه.
وفيها بنيت القبة التى بصحن جامع دمشق، شرقىّ الجامع على باب مشهد على، وكتب عليها اسم المستنصر.
وفيها ولّى المستنصر ناصر الدّولة الحسن بن عبد الله بن حمدان دمشق فى شهر رجب (١)
(١) فوصلها فى منتصف رجب؛ وهو الأمير المظفر ناصر الدولة وسيفها، ذو المجدين، أبو محمد الحسن بن الحسين. وهذه هى ولايته الثانية، وكانت الأولى فى سنة ٤٣٣. ذيل تاريخ دمشق: ٨٣، ٨٦.