للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة ثمان وستين وأربعمائة (١):

فيها حاصر أطسز بن أرتق، المعروف بالأقسيس (٢)، دمشق وألح على قتال من بها من عساكر المستنصر حتى ملكها بعد أن أقام يحاصرها نحو ثلاث سنين. وكان عليها من قبل المستنصر حيدرة بن ميرزا الكتامى، وقد كرهته الرّعيّة لسوء سيرته فيهم وكثرة مصادرته للناس، ففرّ منهزما إلى بانياس (٣)، ثم خرج عنها إلى صور فأقام بها مدة، ثم حمل إلى مصر فقتل بها. وكان قد التحق بأطسز عدة ممّن فرّ من مصر عند قدوم أمير الجيوش، فتقوّى بهم وبمن صار إليه من أهل دمشق فرارا من حيدرة لسوء سيرته. فلمّا ملك دمشق دعا للمقتدى من خلفاء بنى العباس وأبطل الخطبة للمستنصر، فانقطعت دعوة الخلفاء الفاطميين منها ولم تعد بعد ذلك. وقطعت دعوة المستنصر من مكّة أيضا ودعى فيها للمقتدى.

فيها مات القاضى الشريف جلال الدولة أبو الحسين أحمد بن أبى القاسم على بن محمد ابن الحسين بن إبراهيم بن على بن عبيد الله بن الحسين بن على بن الحسين بن على ابن أبى طالب الحسينى النصيبينى، قاضى دمشق، وهو يومئذ متولّى القضاء بها، فى يوم الجمعة الرابع من ذى القعدة؛ وهو آخر قضاة الخلفاء الفاطميين بدمشق، وسمع الحديث وحدث، وله فيه مقال (٤).


(١) ويوافق أول المحرم منها السادس عشر من أغسطس سنة ١٠٧٥.
(٢) أطسز أو أتسز هذا من قادة الأتراك السلاجقة، تقدم نحو دمشق وضمها إلى حكم السلاجقة أيام السلطان ملكشاه ثالث سلاطين السلاجقة العظام، ومن دمشق وسع نفوذه فى بلاد الشام وتقدم نحو مصر وهددها. وقد تمكن الأمير السلجوقى تنش من أن يقتله ويتولى بنفسه دمشق وما يتبعها سنة ٤٧١. ويقول ابن الأثير فى بعض الحديث عن أتسز هذا: «يذكر الشاميون هذا الاسم أقسيس والصحيح أنه أتسز وهو اسم تركى». اه. الكامل: ٣٥:١٠.
(٣) فى الجنوب الغربى لدمشق.
(٤) قال يوما وعنده أبو الفتيان ابن حيوس الشاعر: وددت أنى فى الشجاعة مثل جدى على وفى السخاء مثل حاتم. فقال له أبو الفتيان: وفى الصدق مثل أبى ذر الغفارى. فخجل الشريف فإنه كان يتزيد فى كلامه. النجوم الزاهرة: ١٠٢:٥.