للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر خروج عبيد الله المهدى الى المغرب]

وكان من خبر ذلك أن أبا عبد الله سيّر إلى عبيد الله رجالا من كتامة يخبرونه (١) بما فتح الله عليه، وأنهم ينتظرونه، فوافوه بسلمية من أرض حمص، قد كان اشتهر خبر عبيد الله عند الناس، فطلبه المكتفى، ففرّ من سلمية ومعه ابنه أبو القاسم نزار - الذى قام بالأمر من بعده، وخرج معهما خاصته (٢) ومواليه.

فلما انتهى إلى مصر أقام مستترا بزى التجار، فأتت الكتب إلى عيسى النوشرى - أمير مصر - من المعتضد بالله العباسى بصفة عبيد الله وحليته، وأنه يأخذ عليه الطرق ويقبضه وكلّ من يشبهه؛ فلما قرئت الكتب كان فى المجلس ابن المدير الكاتب، فبلّغ ذلك عبيد الله، فسار من مصر مع أصحابه ومعه أموال كثيرة، فأوسع فى النفقة على من صحبه، وفرّق النوشرى الأعوان فى طلب عبيد الله، وخرج بنفسه، فلما رآه لم يشك فيه، وقبض عليه، ووكل به وقد نزل فى بستان، ثم استدعاه ليأكل معه، فأعلمه أنه صائم، فرقّ له، وقال:

«أعلمنى حقيقة أمرك حتى أطلقك».

فخوّفه الله تعالى وأنكر حاله، وما زال يتلطف به حتى أطلقه وخلّى سبيله، وأراد أن يرسل معه من يوصله إلى رفقته، فقال: «لا حاجة إلى ذلك»، ودعا له.

وقيل إنه أعطاه مالا فى الباطن حتى أطلقه، فرجع بعض أصحاب النوشرى عليه باللوم، فندم على إطلاقه، وأراد أن يبعث الجيش وراءه ليردّه.

وكان عبيد الله قد لحق بأصحابه، فإذا ابنه أبو القاسم قد ضيّع كلبا كان يصيد به،


(١) الأصل: «يخبر فيه» والتصحيح عن (ج).
(٢) الأصل: «من مواليد» و (ج): «وخرج معهما مواليه»، والتصحيح عن (ابن الأثير: الكامل، ج ٨، ص ١٤).