للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت هذه الوقعة لسبع بقين من المحرم سنة ثمان وستين.

فورد كتاب العزيز إلى مصر بنصرته على أفتكين، وقتل عدة من أصحابه وأسره، فقرئ على أهل مصر فاستبشروا وفرحوا.

وكتب أبو إسماعيل الرسّى إلى العزيز يقول:

«يا مولانا: لقد استحق هذا الكافر كلّ عذاب، والعجب من الإحسان إليه».

فلم يرد عليه جوابا.

وسار العزيز - ومعه أفتكين - مكرما من الرملة، وبقية الأسرى إلى مصر.

قال المسبّحى:

فخرج الناس إلى لقائه وفيهم أبو إسماعيل الرسّى، فلما رآه العزيز قال:

«يا إبراهيم: قرأت كتابك فى أمر أفتكين، وفيما ذكرته، وأنا أخبرك: اعلم أنّا وعدناه الإحسان والولاية (١) فما قبل، وجاء إلينا فنصب فازاته وخيامه حذاءنا، وأردنا منه الانصراف فلجّ وقاتل، فلما ولّى منهزما وسرت إلى فازاته (٢) ودخلتها سجدت لله الكريم شكرا، وسألته أن يفتح لى بالظفر به، فجئ به بعد ساعة أسيرا؛ ترى يليق بى غير الوفاء؟!».

فقبّل أبو إسماعيل رجله.

ودخل العزيز إلى القاهرة ومعه أفتكين والأسرى، وعليه تاج مرصّع بالجوهر، فأنزل أفتكين فى دار، وأوصله بالعطاء والخلع حتى قال:

«لقد احتشمت من ركوبى مع مولانا العزيز بالله ونظرى إليه مما غمرنى من فضله وإحسانه»، فلما بلغ العزيز ذلك، قال لعمّه حيدرة:


(١) الأصل: «الولاء» وقد صححت بعد مراجعة (المقريزى: الخطط، ج ٤، ص ٦٦).
(٢) الفازة بناءة من خرق وغيرها، تبنى فى المعسكرات؛ والجمع «فاز» و «فازات» وقال الجوهرى: «والفازة مظلة تمد بعمود، عربى فيما أرى» (اللسان).