وسير المكتفي جيشا عظيما، فساروا بالأثقال والبنود والبزاة على غير تعبئة مستخفين بالقوم، فوصلوا وقد تعب ظهرهم وقل نشاطهم، فلقيهم القرامطة وقاتلوهم وهزموهم، ووضعوا فيهم السيوف، فقتل الأكثر، ونجا الأقل إلى القادسية، فأقاموا في جمع الغنائم ثلاثاً، فكان من قتل من الجيش نحو الألف وخمسمائة، فقويت القرامطة بما غنموا، وبلغ المكتفي فخاف على الحاج، وبعث محمد ابن إسحاق بن كنداج لحفظ الحاج، وطلب القرامطة، وضم إليه خلقا عظيما.
فسار القرامطة وأدركوا الحاج، فأخذوا الخراسانية لإحدى عشرة خلت من المحرم سنة أربع وتسعين، ووضعوا فيهم السيف وقتلوا خلقا عظيما، واستولى زكرويه على الأموال.
وقدم ابن كنداج فأقام بالقادسية وقد أدركه من هرب من حاج خراسان وقال: لا أغدر بجيش السلطان.
وقدمت قافلة الحاج الثانية والثالثة، فقاتلوا القرامطة قتالا شديدا حتى غلبوا، وقتل كثير من الحاج، واستولوا على جميع ما في القافلة، وأخذوا النساء ولم يطلقوا منهم إلا من لا حاجة لهم فيها، ومات كثير من الحاج عطشاً، ويقال إنه هلك نحو من عشرين ألفا، فارتجت بغداد لذلك.
وأخرج المكتفي الأموال لإنفاذ الجيوش من الكوفة لإحدى عشرة بقيت من المحرم. وخزائن السلاح.
ورحل زكرويه فلم يدع ماء إلا طرح فيه جيف القتلى، وبث الطلائع فوافته القافلة التي فيها القواد والشمسة وكان المعتضد جعل فيها جوهرا نفيسا، ومعهم الخزانة ووجوه الناس والرؤساء ومياسير التجار، وفيها من أنواع المال ما يخرج عن الوصف، فناهضهم زكرويه بالهبير، وقاتلهم يومه، فأدركتهم قافلة العمرة، وكان المعتمرون يتخلفون للعمرة