للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة سبع وستين وأربعمائة (١):

فيها سار أمير الجيوش بدر إلى الوجه البحرى فأوقع بلواتة وقتل مقدّمهم سليم اللّواتى وابنه، واستصفى جميع ما كان له ولقومه من أنواع [الأموال] (٢)، وأسرف فى قتلهم حتى يقال إنه قتل منهم عشرين ألفا. وسار إلى دمياط وقتل كثيرا ممّن كان فيها من المفسدين، وخرّب وحرّق، وأصلح عامّة أحوال الثغر. ولم يدع بالبر الشرقى وجميع أسفل الأرض مفسدا إلاّ وقتله أو قمعه. ثم عدّى إلى البرّ الغربى فقتل كثيرا من الطائفة الملحية وأتباعهم؛ وأقام على محاصرة الإسكندرية أيّاما حتى أخذها قهرا؛ فقتل كثيرا من أهلها المفسدين، وعفا عن أهل البلد فلم يعرض لهم.

وفيها حاصر شكل التركى، أحد الأتراك الواصلين من العراق إلى الشام، ثغر عكّا وأخذه بالسيف، وكان فيه أولاد أمير الجيوش بدر وأهله وحرمه، فأحسن إليهم وأكرمهم وقتل والى عكّا. ثم سار منها فنزل على طبرية وأخذها.

وفيها مات الخليفة القائم بأمر الله ببغداد، يوم الخميس ثالث عشر شعبان، وله من الخلافة أربع وأربعون سنة وتسعة أشهر وأيام (٣)؛ وجلس بعده ابن ابنه أبو القاسم عبد الله ابن ذخيرة الدّين ولقب بالمقتدى.

وفيها أعيدت الخطبة للمستنصر بمكة بعد أن خطب فيها للقائم بأمر الله العباسى أربع سنين (٤).

وفيها قتل أمير الجيوش كثيرا من جند مصر وغيرهم ممن يومى إليه بفساد.


(١) ويوافق أول المحرم منها السابع والعشرين من أغسطس سنة ١٠٧٤.
(٢) ما بين الحاصرتين مزيد لأن السياق يقتضيه أو نحوه.
(٣) يقول ابن تغرى بردى: ومن الغرائب أن القائم هذا كان معاصرا للمستنصر العبيدى، وهو خليفة مصر، وكلاهما مكث فى الخلافة ما لم يمكثه غيره من آبائه وأجداده من طول المدة؛ فالقائم هذا كانت مدته أربعا وأربعين سنة، والمستنصر ستين سنة، فما وقع للقائم لم يقع لأحد من العباسيين، وما وقع للمستنصر لم يقع لأحد من الفاطميين. النجوم الزاهرة: ٩٨:٥.
(٤) وتتلخص ظروف عودة الخطبة للمستنصر بمكة فى أنه كتب إلى ابن أبى هاشم، صاحبها، رسالة وأصحبها هدية جليلة، وطلب منه فى الرسالة أن يعيد الخطبة قائلا إن أيمانك وعهودك كانت للقائم وللسلطان ألب أرسلان، وقد ماتا. فخطب له وقطع خطبة المقتدى. وكانت الخطبة قد انقطعت أربع سنين وخمسة أشهر. الكامل: ٣٤:١٠. وستعاد الخطبة للمقتدى سنة ٤٧٩، كما سيأتى.