للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة أربع وأربعين وخمسمائة (١)

فيها وقع الاختلاف بين الطائفة الجيوشيّة والطائفة الرّيحانيّة، فكانت بينهما حروب شديدة قتل فيها عدّة من الفريقين؛ وامتنع النّاس من المضىّ إلى القاهرة ومن الذهاب إلى مصر. وابتدأت الحرب بينهم فى يوم الخميس ثامن عشر جمادى الأولى، وتوالت إلى يوم السبت رابع جمادى الآخرة؛ فانهزمت الرّيحانيّة إلى الجيزة.

وهمّ العسكر بخلع الحافظ من الخلافة، فمات بقصر اللؤلؤة، وقد نقل إليه وهو مريض، بكرة يوم الأحد، وقيل ليلة الاثنين، لخمس خلون من جمادى الآخرة؛ واشتغل الناس بموته.

وكان له من العمر يوم مات ستّ وسبعون سنة وثلاثة أشهر وأيّام، منها مدّة خلافته من يوم بويع بعد أحمد بن الأفضل ثمانى عشرة سنة وأربعة أشهر وتسعة عشر يوما (٢).

وأصابته فى ولايته شدائد، واعتقل، ثم لما أعيد تحكّم عليه الوزراء حتى قبض على رضوان فلم يستوزر بعده أحدا، وإنّما أقام كتّابا على سنّة الوزراء أرباب العمائم ولم يسمّ أحدا منهم وزيرا؛ وهم: أبو عبد الله محمّد بن الأنصارى، وخلع عليه بالحنك والدواة فتصرّف تصرّف وزراء الأقلام، وصعد المنبر مع الخليفة فى الأعياد والجمع؛ والقاضى الموفّق محمد بن معصوم التنّيسى؛ وصنيعة الخلافة أبو الكرم الأخرم النّصرانىّ.

وكان الحافظ حازم الرّأى، جماعا للأموال، كثير المداراة، سيوسا عارفا. ولم يكن أحد ممّن ولى قبله أبوه غير خليفة سواه. وكان يميل إلى علم النجوم؛ وكان له من المنجّمين سبعة، منهم؛ المحقوف، وابن الملاح، وأبو محمّد بن القلعىّ، وابن موسى النصرانىّ.


(١) ويوافق أول المحرم منها الحادى عشر من مايو سنة ١١٤٩.
(٢) هذا التحديد، يرجع إلى أن أحمد بن الأفضل الوزير كان يمنعه من التصرف ومن لقاء الناس، وقد بويع البيعة الثانية بالخلافة بعد وفاة أحمد هذا، أما بيعته الأولى فكانت بولاية العهد وبالوصاية على العرش حتى يتبين الحمل الذى كان ينتظر أن يولد ليتولى الخلافة.