للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة (١)

فيها زاد السّعر وبلغ القمح ثلاثة دنانير للاردبّ، فبيعت الغلال التى كان الأفضل خزنها، وقد تغيّرت وأرادوا رميها فى النيل، فكانت تقطع بالفئوس وتباع بأربعين دينارا كل مائة إردبّ، وكذلك الأرز الذى كان مخزونا بمصر فإنّه أبيع بعشرة دنانير المائة؛ فوجد النّاس بذلك رفقا.

فيها كثر سعى الوشاة بين الحافظ والوزير فتخوّف كلّ منهما من الآخر، وقبض الوزير على عدّة من خواصّ الحافظ، منهم أبو المعالى بن قادوس، وابن شيبان المنجم، ورئيس اليهود، وجماعة؛ فقتلهم. فسيّر الحافظ من أحضر إليه بهرام فى رمضان؛ فلمّا حضر أسكنه عنده بالقصر وأكرمه، وشقّ ذلك على رضوان. وكان الحافظ قد تلطّف برضوان فى أمر بهرام وقرّر معه أن يستدعيه وينزله فى القصر، وحلف له أنّه لا يولّيه أمرا ولا يمكنه من تصرّف؛ فتسامح رضوان فى أمره (٢). واستدعى فحضر بأهله وأنزل فى دار بالقصر قريبة من المحول (٣)، وهو قريب من سكن الحافظ، فكان يستحضره فى غالب اللّيالى ويستشيره ويعمل برأيه.

ولما كان يوم عيد الفطر ركب الوزير مع الحافظ وعليه من الملابس ما لم يلبسه أحد من الوزراء فى مثل ذلك اليوم، وعاد إلى القصر وفى نفس الحافظ منه أشياء تبينها رضوان


(١) ويوافق أول المحرم منها الثامن من سبتمبر سنة ١١٣٨.
(٢) وطلب رضوان أن يسكن مع الحافظ فى القصور، فلم يمكنه. نهاية الأرب: ٢٨.
(٣) المحول: مجلس الداعى فى القصر الذى تخصص لنشاط الدعاة الرسميين الفاطميين بالقاهرة، ويعرف بقصر البحر، ويدخل إليه من باب الريح وبابه من باب البحر. وكان الداعى يصلى بالناس فى رواقه فى أثناء الاجتماعات. ومما يروى عن نشاط الدعاة فيه أن القاضى محمد بن النعمان جلس على كرسى بالقصر لقراءة علوم آل البيت على الرسم المعتاد له ولأخيه بمصر ولأبيه بالمغرب فمات فى الزحمة أحد عشر رجلا، فكفنهم العزيز بالله. ويشرف على هذا النشاط الدعائى داعى الدعاة، ومرتبته تلى مرتبة قاضى القضاة، يساعده اثنا عشر نقيبا وله نواب كنواب الحكم (القضاء) يمثلونه فى أنحاء البلاد. المواعظ والاعتبار: ٣٩٠:١ - ٣٩١. (وباب الريح من أبواب القصر الكبير الشرقى. وكان يقع تجاه دار سعيد السعداء موصلا إلى رحبة باب العيد منتهيا إلى بين القصرين. وباب البحر من أبواب هذا القصر كذلك قبالة بقايا دار الحديث الكاملية. نفس المصدر: ٤٣٣:١، ٤٣٤).