ربيع الأول، برسالة قاسم بن فليتة أمير الحرمين؛ فأحضر في قاعة الذهب من القصر يوم السلام، وقد جلس الخليفة الفائز وحضر الوزير الملك الصالح طلائع بن رزيك والأمراء، على العادة؛ فأدى الرسالة وأنشد:
الحمد للعيس بعد العزم والهمم ... حمداً يقوم بما أولت من النّعم
لا أجحد الحق، عندي للرّكاب يدٌ ... تمنّت اللّجم فيها رؤية الخطم
قرّبن بعد مزار العزّ من نظري ... حتى رأيت إمام العصر من أمم
ورحن من كعبة البطحاء والحرم ... وفداً إلى كعبة المعروف والنّعم
فهل درى البيت أني بعد فرقته ... ما سرت من حرمٍ إلاّ إلى حرم
حيث الخلافة مضروبٌ سرادقها ... بين النّقيضين من عفوٍ ومن نقم
وللإمامة أنوارٌ مقدّسةٌ ... تجلو البغيضين من ظلم ومن ظلم
وللنّبوة آياتٌ تنصّ لنا ... على الخفيين من حكم ومن حكم
وللمكارم أعلامٌ تعلّمنا ... مدح الجزيلين من بأس ومن كرم
وللعلا ألسنٌ تثنى محامدها ... على الحميدين من فعل ومن شيم
وراية الشّرف البذّاخ ترفعها ... يد الرّفيعين: من مجدٍ ومن همم
أقسمت بالفائز المعصوم معتقداً ... فوز النجاة وأجر البرّ في القسم
لقد حمى الدّين والدّنيا وأهلهما ... وزيره الصّالح الفرّاج للغم
اللاّبس الفخر لم تنسج غلائله ... إلاّ يد الصّنعين: السّيف والقلم