للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ممّا نريده منه؛ وههنا من أنت تعرفينه، وهو رجل مسلم وقاض، وكبير المروءة، وهو مستغن بماله وأملاكه عن التعرّض لما لك، وهو ثقة ناهض كاف فقالت:

من هو؟ فقال القاضى أبو محمد اليازورى، وهذه رقعته. فأمرته بتسليمها إلى أبى نصر، وقالت: ما تقول فيه؟ فلم يصدّق بذلك. فقال يا مولاتنا، هو والله الثقة الأمين الناهض الذى يصلح لخدمتك، وفيه لها جمال، وما تظفرين بمثله. فوقع ذاك منها بالموافقة.

فقال لرفق: قل له يجلس فى داره غدا حتى أنفذ إليه؛ فسرّ بذلك وخرج، فإذا أبو محمد فى انتظاره على عادته، فسار، ولحق به أبو محمد، فقال له: أقمح أم شعير؟ فقال: بل برّ يوسفى، وقصّ عليه الخبر. فلما كان الغد جاء الرسول مستدعيا له، فركب إلى بابها، فأحضرته وأدخلته وراء المقطع وردّت إليه أمر بابها والنظر فى ديوانها، الذى هو باب الربح، وجميع أحوالها؛ ونزل. فبلغ ذلك الوزير، فكبر عليه وأقلقه أن تمّ على غير يده، وأنه لا يقبل قوله عند السّيدة لما فى نفسها منه لقتل أبى سعيد.

وأقبل الأمراء الأتراك إلى القاضى أبى محمد، فهنئوه بما صار إليه؛ فقام إليهم وتلقّاهم، وأعظم سعيهم إليه وشكرهم، وقال: ما أنا إلاّ خادم ونائب لموالى الأمر، أسأل فى تشريفى بما يعيّن لهم من خدمة لأنهض فيها. ثم لما قاموا نهض قائما لوداعهم. وأخذ الوزير الفلاحى فى العمل عليه، فلم يمض إلا أيام حتى قبض عليه وقتل.