وكان شاعراً يحب الأدب وأهله، ويكثر من جليسه، ويبسط من أنيسه. وكان كرمه أقرب من الجزيل منه إلى الهزيل وصنف كتاباً سماه: الاعتماد في الرد على أهل العناد. وله قصيدة سماها: الجوهرية في الرد على القدرية ولما مات الصالح خرج ولده المنصور وهو مجروح وجلس في مرتبة أبيه، وبعث إلى العمة ست القصور من أهل القصور فسلمت إليه، فخنقها بمنديل ورميت قدامه، فبعثت السيدة العمة أختها إلى سيف الدين حسين بن أبي الهيجاء، صهر الصالح، وحلفت له أنها لم تدر ما جرى على الصالح وأن فاعل ذلك أصحاب أختها المقتولة. وحضر إليها مجد الإسلام أبو شجاع رزيك بن الصالح فخلع عليه الوزارة، فإن الصالح أوصى بها إليه وجعل من حسين بن أبي الهيجاء الكردي مدبر أمره، ونعت بالسيد الأجل مجد الإسلام الملك العادل الناصر أمير الجيوش؛ وفسح له في أخذ من ارتاب به في قتل أبي، فأخذ ابن قوام الدولة وقتله وولده والأستاذ الذي شغل الصالح بالحديث.
واستحسن الناس سيرته، وسامح الناس بما عليهم من البواقي الثابتة في الدواوين. وأسقط من رسوم الظلم مبالغ عظيمة، وقام عن الحاج بما يستأديه منهم أمير الحرمين؛ وسير على يد الأمير محمد بن شمس الخلافة نحواً من خمسة عشر ألف دينار إلى قاسم ابن هاشم، أمير الحرمين، برسم إطلاق الحاج. وظفر بقتلة أبيه ظفراً عجيباً بعد تشتتهم في البلاد.