فيها عاد الأفضل رضوان بن ولخشي من صلخد في جمع فيه نحو الألف فارس، وكان الناس في مدة غيبته يهتفون بعوده، فبرزت له العساكر ودافعوه عند باب الفتوح، فلم يطق مقابلتهم؛ فمضى إلى مصر ونزل على سطح الجرف المعروف اليوم بالرصد، وذلك يوم الثلاثاء مستهل صفر. فاهتم الحافظ بأمره، وبعث إليه بعسكر من الحافظية والآمرية وصبيان الخاص، عدتهم خمسة عشر ألف فارس؛ مقدم القلب تاج الملوك قايماز، ومقدم الآمرية فرج غلام الحافظ. فلقيهم رضوان في قريب ثلثمائة فارس، فانكسروا، وقتل كثير منهم، وغنم معظمهم؛ وركب أقفيتهم إلى قريب القاهرة. وعاد شاور إلى موضعه فلم يثبت، وأراد العود إلى صلخد فلم يقدر، لقلة الزاد وتعذر الطريق، فتوجه بمن معه من العربان إلى الصعيد. فأنفذ إليه الحافظ الأمير المفضل أبا الفتح نجم الدين سليم بن مصال في عسكر ومعه أمان، فسار خلفه، وما زال به حتى أخذه وأحضره إلى القصر آخر نهار الاثنين رابع ربيع الآخر، فعفا عنه الحافظ، ولم يؤاخذ أحداً من الأتراك الذين حضروا معه من الشام. واعتقله عنده بالقصر قريباً من الدار التي فيها بهرام.
وفيها أضيف لقاضي القضاة هبة الله بن حسن الأنصاري، في سابع عشر جمادى الآخرة، تدريس دار العلم بالقاهرة، فمضى إليها؛ وكان مدرسها أبو الحسن علي بن إسماعيل، فجرت بينهما مفاوضات أدت إلى الخصام الشنيع؛ فخرج القاضي إلى القصر ماشياً وقد تخرقت ثيابه وسقطت عمامته. فعظم على الحافظ خروجه في الأسواق على هذه الهيئة، وغضب لذلك؛ فصرفه ورسم عليه، وغرمه مائتي دينار، وألزمه داره. وأمر بطلب أبي الطاهر إسماعيل بن سلامة الأنصاري، فخلع عليه وقرره مكانه، ونعته الموفق في الدين، ولم يكتب له سجل؛ فأقام إلى آخر ذي الحجة، ولم يتناول على القضاء معلوماً؛ وكان