للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بإنهاضنا له، وجميل رأينا فيه، بعد ثبوته فى الدّواوين إن شاء الله تعالى. وكتب فى ذى القعدة سنة ست عشرة وخمسمائة».

فانتصب لطالبى علم الطبّ وأقبل أطبّاء البلدين إليه، واجتمع فى أيدى الناس من أماليه كثير، وجعل له يومين فى الجمعة يشتغل فيهما، ويتوفّر فى بقيّة الأسبوع على التّصنيف، وحمل ذلك إلى الخزائن؛ واستخدم كاتبين لتبييض ما يؤلّفه.

ولمّا أهل ذو الحجّة جرى الحال فى الهناء ومدائح الشّعراء فى القصر بين يدى الخليفة وبالدّار المأمونية على الحال المستقرّة، واستقبله المأمون بالصّيام، وأخرج من ماله ما زاد عن المستقرّ فى كلّ عام، برسم الأطفال من الفقراء والأيتام، من أهل البلدين وغيرهم؛ ولم يتعرّض لطلب ذلك من المميّزين بحكم ما يعملونه من السّنين المتقادمة.

وممّا ابتكره ولم يسبقه إليه أحد أن استعمل ميقاط حرير فيه ثلاث جلاجل، وفتح باب طاقة فى الرّوشن من سور داره؛ فصار إذا مضى شطر اللّيل وانقطع المشى طرحت السّلسلة ودلّى الميقاط من الطّاق، وعلى هذا المكان جماعة مبيّتون بحقه من المغاربة؛ فمن حضر من الرّجال والنّساء بتظلّمه سدد قصّة فى الميقاط بيده ويحرّكه بعد أن يقف من حضره على مضمون الرّقعة؛ فإن كانت مرافعة لم يمكّنوه من رفعها، وإن كانت ظلامة مكّنوه من ذلك ويعوّق صاحبها إلى أن يخرج الجواب.

وكان القصد بعمل ذلك أنّه من حدث به ضرر من أهل السّتر، أو كانت امرأة من غير ذات البروز ولا تحبّ أن تظهر، أو كانت مظلمة فى الليل تتعجّل مضرّتها قبل النهار فلتأت لهذا الميقاط.

وحضرت كسوة عيد النحر، وفرقت الرسوم على من جرت عادته بها، خارجا عمّا أمر به من تفرقة العين المختص بهذا العيد وأضحيته، فكان منها سبعة عشر ألفا وستمائة دينار برسم القصور جميعها، وجملة ما نحر وذبح الخليفة خاصة، دون الوزير، فى ثلاثة أيام النحر ألف وتسعمائة وستة وأربعون رأسا؛ منها نوق مائة وثلاثة عشر، وبقر ثمانية عشر رأسا، وجاموس خمسة عشر، والبقية كباش، ومبلغ المصروف على أسمطة الثلاثة