فلما بلغ رضوان ذلك أيقن بالهلاك إن وقف، فما زال يتأخر قليلاً قليلاً حتى صار في رحبة باب العيد عند دار سعيد السعداء، وبعث إلى داره، التي هي دار الوزارة من أخذ له شيئاً منها على سبيل الخطف، وأوصى إلى أخيه، فانضم إليه هو ومن معه من أصحابه وفيهم أبي الفوارس وقدارة بن أبي عزة وشاور بن مجير السعدي، وجماعة من خواصه، وخرجوا من باب النصر. فما هو إلا أن صار بظاهر القاهرة اقتحم الناس دار الوزارة ونهبوها حتى لم يتركوا فيها شيئاً.
وما وصل رضوان إلى تربة أمير الجيوش إلا وقد تلاحق كثير من المغافرة، وكان قد أسلف عند العرب أيادي وأفاض عليهم نعماً وأحسن إليهم إحساناً كثيرا في مدة وزارته، فأدركه رجل من العرب يقال له سالم بن المحجل، أحد شياطين الإنس، وحسن له المسير إلى الشام.
واشتغل الناس بنهب دار الوزارة، وكان قد جمع فيها رضوان أكثر أموال ديار مصر وشحنها بالذخائر وأنواع السلاح والعدد والآلات والغلال، فانتهب جميع ذلك، وأحرقت أخشاب تعب الملوك في تحصيلها. وكان نهب دار الوزارة أول ضرر دخل على الدولة.
وطلب رضوان الشام، فدخل عسقلان وملكها وجعلها معقله، وتوجه أخوه إلى الحجاز وأقام بها حتى مات؛ وسار ابن أخته إلى بغداد فأكرمه أصحاب الخليفة هناك ولم يزل عندهم إلى أن مات.
وخرج رضوان من عسقلان ولحق بصلخد، فنزل على أمين الدولة كمشتكين صاحبها