للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة احدى وعشرين وأربعمائة (١):

بايع النّاس بولاية العهد للمستنصر بن الظاهر، وعمره ثمانية أشهر؛ فخلع على كافّة أهل الدولة وعمل من الطعام ما كفى أهل القاهرة ومصر والطّرائين من البلاد، ونثر مال عظيم؛ فلم يبق أحد حتى وصل إليه من خير هذه البيعة. واجتمعت العامّة تحت المنظرة من القصر، واستغاثوا أن يشرفوا برؤية أمير المؤمنين، فأشرف عليهم الظّاهر من المنظرة، فقبّلوا الأرض وانصرفوا.

وكان مرتضى الدولة أبو نصر منصور بن لؤلؤ قد طمع فى حلب بعد تملّك صالح بن مرداس لها، فكاتب متملّك (٢) الروم يرغّبه فى حلب ويعده، إلى أن خرج من القسطنطينية فى هذه السنة ومعه ثلاثمائة ألف، حتى لم يبق بينه وبين حلب سوى يوم واحد اعتزل عنه ابن لؤلؤ ومعه رجل جليل من الروم يقال له ابن الدوقس فى عشرة آلاف؛ فخاف متملّك الروم ورحل، ثم قبض على ابن لؤلؤ وابن الدوقس فى جماعة وولّى منهزما لا يلوى على شيء.

وتبعه من عرب كلاب ونمير نحو الألفى فارس فى طائفة الأرمن، ونهبوا الروم، فاخذوا من خاصّ الملك أربعمائة بغلة تحمل المال والثياب، سوى ما ظفروا به لعامّتهم، بحيث أبيع البغل فى حلب بدينارين؛ ولولا أن العرب تشاغلت بالغنيمة لما أفلت أحد من الروم.

ووجد من الروم آلاف كثيرة موتى عطشا. وكانت هذه الهزيمة يوم السبت خامس شعبان.


(١) ويوافق أول المحرم منها التاسع من يناير سنة ١٠٣٠.
(٢) الامبراطور رومانوس الثالث.