للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر أبى يزيد مخلد بن كيداد الخارجى وحروبه]

وذلك أنه لما كان سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة خرج أبو يزيد بن كيداد النّكّارى الخارجى بإفريقية، واشتدت شوكته، وكثرت أتباعه، وهزم الجيوش.

وكان ابتداء أمره أنه من زناتة من مدينة توزر، وكان أبوه يختلف إلى بلاد السودان للتجارة، فولد له بها أبو يزيد من جارية صفراء هوّاريّة، فأتى به إلى توزر، فنشأ بها، وتعلّم القرآن، وخالط جماعة من النّكاريّة، فمالت نفسه إلى مذهبهم، ثم سافر إلى تاهرت، فأقام بها يعلّم الصبيان إلى أن خرج أبو عبد الله الشيعى إلى سجلماسة فى طلب عبيد الله المهدى، فانتقل إلى تقيوس (١)، واشترى ضيعة، وأقام يعلّم الناس فيها.

وكان مذهبه تكفير أهل الملة، واستباحة الأموال والدماء، والخروج على السلطان، فابتدأ يحتسب على الناس فى أفعالهم، وصار له جماعة يعظمونه، وذلك فى أيام المهدى سنة ست عشرة وثلاثمائة.

وتزايدت شوكته، وكثرت أتباعه فى أيام القائم، وحاصر باغاية، (٢) وهزم الجيوش الكثيرة، ثم حاصر قسطيلية (٣) سنة ثلاث وثلاثين، وفتح تبسّة ومجانة، وهدم سورها، ودخل مدينة مرمجنة (٤)، فلقيه رجل من أهلها، وأهدى له حمارا أشهب مليح الصورة،


(١) مدينة بافريقية قريبة من توزر. (ياقوت: معجم البلدان)
(٢) يوجد بالهامش فى النسختين تعريف بهذه المدينة نصه:
«باغاية مدينة بافريقية، ذات أنهار ومزارع على مقربة من جبل أوراس المتصل بالسوس، الذى يعرف بحبل المصامدة، المسمى بدرن».
(٣) ذكر (البكرى: المغرب فى ذكر بلاد افريقية والمغرب، ص ١٨٢) أن بين قسطيلية والقيروان مسيرة سبعة أيام.
(٤) هكذا رسمها البكرى فى (المغرب، ص ١٤٥)، وذكر أنها قريبة من مجانة، وأنها مدينة لطيفة بها جامع وفندق وسوق.