للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة اثنين وخمسين وخمسمائة (١):

فيها كان انفساخ الهدنة بين الفرنج وبين المصريين، فشرع الصّالح فى النفقة على العساكر وعربان البلاد للغارة على بلاد الفرنج. فأخرج سريّة فى سابع عشر جمادى الأولى وأتبعها بأخرى فى رابع عشر جمادى الآخرة؛ فوصلت الأولى إلى غزّة ونهبت أطرافها، ثم سارت إلى عسقلان فأسرت وغنمت وعادت مظفّرة غانمة. ثم ندب سريّة ثالثة، فمضت إلى الشريعة (٢) فأبلت بلاء حسنا وعادت مؤيّدة. وسيّر المراكب الحربيّة فانتهت إلى بيروت وأوقعت بمراكب الفرنج وأسرت منهم وغنمت. وسيّر عسكرا فى البرّ إلى بلاد الشوبك (٣) فعاثوا فيها وغاروا ورجعوا بالغنائم فى رجب ومعهم كثير من الأسرى. ثم سيّر الأسطول إلى عكا فأسروا نحوا من سبعمائة نفس بعد حروب كثيرة، وعاد الأسطول فى رمضان.

وجهّز سريّة فغارت على بلاد الفرنج وعادت بالغنائم فى رمضان. ثم بدأت سريّة فى أوّل ذى القعدة وأردفها بأخرى فى خامسه فوصلت غاراتهم إلى أعمال دمشق وعادوا غانمين (٤).

وفيها قدم رسول نور الدّين محمود صاحب دمشق (٥).


(١) ويوافق أول المحرم منها الثالث عشر من فبراير سنة ١١٥٧.
(٢) هو نهر الأردن، أطلق هذا الاسم عليه منذ زمن الحروب الصليبية، وبخاصة جزؤه الواقع بين بحيرة طبرية ومصبه فى البحر الميت، ويعرفه البدو بهذا الاسم حتى الآن. السلوك: ٣٨١:١: حاشية: ٤.
(٣) الشوبك حصن شديد الحصانة بناه Baldwin I ، صاحب بيت المقدس، سنة ٥٠٩، جنوب بحر الميت، فى منطقة عالية ليسهل منه مراقبة القوافل السالكة فى الطريق بين الشام ومصر ومهاجمتها، وهو قريب من حصن الكرك الفرنجى. معجم البلدان: ٣٠٥:٥؛ The Crusaders in the East;p .٦٥.
(٤) ولعل فى هذه الغارات المتتابعة وما وليها من اشتبكات مع الفرنج طوال عهد وزارته ما يسوغ تكنيته بأبى الغارات، وهو ما أطلق عليه فعلا، وربط المؤرخون والشعراء بينه وبين كثرة إغاراته على الفرنج. وتجد فى كتاب الروضتين: ١: ٢٨٨ - ٢٩٩ مجموعة من القصائد المتبادلة بين الصالح طلائع وأسامة بن منقذ، الذى كان عندئذ على صلة بنور الدين محمود، تؤكد المحاولات التى قام بها الصالح لإيجاد علاقات تعاون بين مصر والشام فى مقاومة العدو المشترك.
(٥) يقول ابن القلانسى: وفى يوم الاثنين الثانى عشر من شهر ربيع الأول توجه زين الحجاج، كثر الله سلامته، إلى ناحية مصر رسولا من المولى نور الدين لإيصال ما صحبه من المطالعات إلى صاحب الأمر فيها، وصحبته أيضا الرسول الواصل منها. ذيل تاريخ دمشق: ٣٣٨.