للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها كسرت مراكب للفرنج فيها الحجاج منهم على ثغر الإسكندرية، فقبض عليهم نائب الثغر وجهّزهم.

وفى سلخ ذى الحجة قبض الصّالح على الأمير ناصر الدّولة ياقوت والى قوص وعلى أولاده واعتقلهم من أجل أنّه بلغه عنه أنه كاتب أخت الظافر وقصد القيام على الصّالح وأخذ الوزارة. وكان ناصر الدّولة فى ولاية قوص من أيّام عبّاس، ولمّا استدعى أهل القصر طلائع من الأشمونين لم يجسر على الحركة حتى كتب إلى ناصر الدّولة يعلمه بذلك ويستدعيه ليكون له الأمر، فأعاد جوابه يظهر الزّهد فى ذلك وأنّه تركه من أيّام الخليفة عن قدرة، ظنّا منه أن طلائع لا يصلح ولا يتمّ له ما يريد من مقاومة عبّاس؛ فخاب رجاؤه. ولم يزل به الصّالح حتى أودعه السجن، ولم يزل به حتى مات فيه فى رجب من الآتية.

وفيها أحضر إلى القاهرة رجل كامل الأعضاء سريع الحركة، طوله من رأسه إلى قدمه أربعة أشبار، وله عدّة أولاد؛ فدخل على الصّالح حتى رآه.

فى هذه السنة زلزلت الشام زلازل عظيمة أخربت حصن شيزر، وأكثر حماة وبعض كفر طاب وأفامية؛ وزلزلت فى حلب وغيرها من البلاد؛ وكانت بدمشق خفيفة لم تخرب شيئا، ودامت مدّة بأرض الشمال (١).


(١) حديث هذه الزلازل طويل مفصل فى ذيل تاريخ دمشق فى مواضع متفرقة من الصفحات: ٣٣٧، ٣٤٢، ٣٤٣ - ٣٤٥، ٣٤٦، ٣٤٧ فى الحديث عن أخبار هذه السنة ٥٥٢. وسبقه حديث عن زلازل سنة ٥٥١ فى الصفحات ٣٣٤ - ٣٣٦. ومن نتائج هذه الزلازل وتأثيراتها: انهدام كثير من مساكن شيزر على أهلها، هرب أهل دمشق منها، فى رجب سنة ٥٥٢، إلى البساتين والصحراء لعدة ليال وأيام جزعين مسبحين داعين، وانهدام جزء كبير من فص الجامع الكبير، وخراب كثير من سقائفها ومنازلها، انهدام قلعة حماة وسائر دورها ومنازلها على أهلها بحيث لم يسلم منهم إلا اليسير، انهدام حصن شيزر وبه واليها تاج الدولة بن أبى العساكر بن منقذ ومن تبعه إلا اليسير. ومما قيل فى هذه الزلازل وآثارها:
روعتنا زلازل حادثات … بقضاء قضاه رب السماء
هدمت حصن شيزر وحماة … أهلكت أهله بسوء القضاء
وبلادا كثيرة وثغورا … وحصونا موثقات البناء
فإذا مارنت عيون إليها … أجرت الدمع عندها بالدماء
وإذا ما قضى من الله أمر … سابق فى عباده بالمضاء
حار قلب اللبيب فيه ومن كا … ن له فطنة وحسن ذكاء
وتراه مسبحا باكى العين … مروعا من سخطة وبلاء
جل ربى فى ملكه، وتعالى … عن مقال الجهال والسفهاء