للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وقال ابن سعيد فى كتاب المغرب]

إن المعز أنفذ إلى ابن السوادكى فقال: «من لك بالحجاز من التجار تكاتبه، اكتب إلى من تراه منهم بأن يكتب إلى عدن بحمل ما يقدر عليه من خشب الأبنوس الحسن التلميع التام الطول، الغليظ مما لا غاية وراءه».

فكتب إلى تاجر بمكة، وأكّد عليه، فما كان إلا نحو شهرين حتى عاد جوابه أنه وجد منه ما ليس له فى الدنيا نظير، وحمله فى مركب، فسرّ بذلك، وبكّر إلى المعز فأخبره الخبر، وأنه فى القلزم، فأطرق وتغيّر لونه، فقال له:

«يا مولانا هذا يوم فرح وسرور بأن تطلب أمرا يكون بعد مدة فيسهله الله فى أقرب وقت».

فقال:

«يا محمد ليس يدرى إلى حيث خرجت».

ثم سار خارجا إلى ظاهر القاهرة وهو يقرأ سورة الفتح إلى آخرها، ويرددها كلما فرغ منها، ورجع فاعتلّ بعد جمعة، وتردّدت به العلّة، فمات فى الشهر الخامس، وما طلبه منى، ولا أذكرته به، وكان قد تأوّل أن أجله نعى إليه حين رأى الأشياء منقادة له.

[قال ابن زولاق]

ولأربع خلون من صفر ورد حاج البرّ، وقد كان البر أقام سنين (١) لم يسلك.

وفيه حضر على بن النعمان القاضى جامع القاهرة (٢)، وأملى مختصر أبيه فى الفقه عن أهل البيت، ويعرف هذا المختصر «بالاقتصار»، وكان جمعا عظيما.

وفى ربيع الآخر وردت رسالة القرامطة بأنهم فى الطاعة.

وفيه أذن المعز لجماعة المصريين فدخلوا عليه وخاطبهم - وهو على سرير الملك -، فصاح به رجل منهم:


(١) الأصل: «سنينا».
(٢) لاحظ أن ابن زولاق يسمى الجامع الذى بنى فى القاهرة «جامع القاهرة» ولم يسمه «الجامع الأزهر».