للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«يا أمير المؤمنين»، قال الله ﷿: «وَ لَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمّا ظَلَمُوا وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ * ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ» (١). يا أمير المؤمنين لننظر كيف تعملون.

وقال: «صدق الله، كذا قال ﷿، ونسأل الله التوفيق».

واعتلّ المعزّ لثمان خلون من ربيع الأول، فأقام ثمانيا وثلاثين يوما، ووصف له البطيخ البرلسى يؤخذ ماؤه، فطلب بمصر فلم يوجد سوى واحدة اشتريت بخمسة دنانير، ثم وجد منها ثمانى عشرة بطيخة اشتريت بثمانية عشر دينارا، وكان الناس يغدون إلى القصر ويروحون، والذى يمرضه طبيبه موسى بن العازار وعبده جوهر.

فلما كان لأربع عشرة بقيت من ربيع الآخر اشتدت العلّة. وعرّف باجتماع الناس وكثرة الرقاع فى الظلامات والحوائج، وسئل فيمن ينظر فى ذلك، فأمر أن ينظر فيه ولىّ عهده نزار فاستخلفه، وخرج السلام إلى الناس فانصرفوا.

وخرج القائد جوهر وموسى بن العازار الطبيب بالعزيز فأجلسوه، وخرج إليه إخوته وعمومته وسائر أهله (ص ٣٩ ب) فبايعوه، ثم أدخل إليه أكثر الأولياء فبايعوه وسلموا عليه بالإمرة وولاية العهد، فابتهج الناس بذلك.

ودخل عليه من الغد القاضى أبو طاهر وجماعة الشهود والفقهاء فسلموا عليه بولاية العهد، وقبّلوا له الأرض، فردّ عليهم أحسنّ رد، وأخبرهم بأن المعز بخير، قال:

«مولانا - صلوات الله عليه - فى كل عافية وسلامة فى أحواله، وفى رأيه لكم» وانصرفوا.

وكان يوم جمعة، فدعا له عبد العزيز بن عمر العباسى على منبر الجامع العتيق (٢) بعد أن دعا للمعز، فقال:

«اللهم صلّ على عبدك ووليّك، ثمرة النبوة، ومعدن الفضل والإمامة، عبد الله معدّ أبى تميم الإمام المعز لدين الله، كما صليت على آبائه الطاهرين، وأسلافه المنتخبين من قبله.


(١) الآيتان ١٣ و ١٤، السورة ١٠ (يونس)
(٢) يقصد جامع عمرو بن العاص بالفسطاط