للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السنون، فذكرها الخليفة الآمر في ذلك الوقت فقال له: أنت المأمون على الحقيقة لأجل ذلك.

ثم عاد حسام الملك أفتكين صاحب الباب، والداعي وجميع الأمراء من المصلى، ومثلوا بين يدي الخليفة. ووقع حينئذ الاهتمام بتجهيز الأفضل؛ وتقدم إلى زمام القصور بإخراج ما قد مازجه عرف الأئمة، وتقدم إلى ريحان متولى بيت المال بإخراج ما يجب إخراجه برسم المأتم؛ فمضيا. وتقدم إلى حسام الملك بإعلام الأمراء والاجناد والشهود والقضاة والمتصدرين والمقربين وبنى الجوهري الوعاظ وغيرهم لحضور الجنازة وتلاوة القرآن. فعاد زمام القصور ومتولى بيت المال ومعهما عشرون صينية ملفوفة في عراض دبيقي بياض مملوءة صندلا مطحونا، ومسكا وكافورا وحنوطا وقطنا، وفي صدر الآخر منديل ديباج فيه ما رسم بإحضاره من ملابس الخلفاء وطيالسهم. ووصلت أيضا الموائد على رءوس الفراشين، وهي مائة شدة، صحبة متولى المائدة الآمرية؛ فمد السماط بين يدي الخليفة، ومد سماطان، أحدهما بالقاعة وهو برسم الأمراء، والآخر برسم القاضي والداعي والشهود والمقربين والوعاظ والمؤمنين، وحمل إلى الجهات الأفضليات شيء كثير.

فلما انقضى الأكل عاد الجميع بالقاعة، وذكر أنه ختم على الأفضل في هاتين الليلتين واليوم نيف وخمسون ختمة. فلما انقضى معظم الليلة، الثاني من شوال، تقدم الخليفة بإحضار داعي الدعاة، ولي الدولة ابن عبد الحقيق، وأمره بغسل الأفضل على ما يقتضيه مذهبه، وكفن بما حضر من القصر، وأخرج للداعي بذلتان مكملتان، مذهبة وحرير، عوضا عما كان على الأفضل من ثياب الدم، فإنها لم تنزع عنه، وعند كمال غسله دفع للداعي ألف دينار.

فلما كان في الثالثة من نهار يوم الثلاثاء ثاني شوال خرج التابوت بالجمع الذي لا يحصى،

<<  <  ج: ص:  >  >>