بيت دهن بمسك، وبيت دهن بكافور، وبيت دهن بغير طيب، ولم يكن فيه شيء مصنوع لوقته. فلما رآه المؤتمن والحاضرون عجبوا من علو قيمة القاضي وجليل رئاسته وسعة نفسه؛ وحلف القاضي الحرام إن عاد إلى ملكه. فقال المؤتمن؛ قد قبلته منك ليس لحاجة إليه، ولا نظر في قيمته، بل لإظهار هذه الهمة وإذاعتها. وذكر أن قيمة المداف المذكور خمسمائة دينار.
وخلع المؤتمن على القاضي بذلة مذهبة بطيلسان مقور وثياب حرير، وقدم له دابة بمركب حلى ثقيل؛ ثم خلع عليه في اليوم الثاني والثالث كذلك. وخلع على أخيه حلتين مكللتين مذهبتين ورزمة فيها شقق حريرية مما يختص بالنساء. وأنعم على كل من حواشيه وأصحابه.
وعاد إلى القاهرة، فمدحه عدة من الشعراء.
وورد رسل ظهير الدين طغتكين، صاحب دمشق، وآق سنقر، صاحب حلب، بالحث على غزو الفرنج، وكبيرهم علي بن حامد، الحاجب. فلما وصلا باب الفتوح ترجلا وقبلاه، ومشيا إلى أبواب القصور ففعلا مثل ذلك؛ وأوقفا عند باب البحر