للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووصل الأفضل إلى عسقلان فى الرابع عشر من شهر رمضان، فبعث إلى الفرنج فوبّخهم على ما كان منهم؛ فردّوا إليه الجواب، وركبوا فى إثر الرسل فصدفوه على غرّة وأوقعوا بعساكره وقتلوا منهم كثيرا. وانهزم منهم بمن خفّ معه فتحصّن بعسقلان وتعلق أكثر أصحابه هنالك فى شجر الجميز، فأضرموا فيها النار حتى احترقت بمن تعلق فيها، فهلك خلق كثير (١) وحاز الفرنج من أموال المسلمين ما جلّ قدره، ولا يمكن لكثرته حصره.

ونازلوا عسقلان، وحصروا الأفضل فيها حتى كادوا يأخذونه، إلا أن الله سبحانه أوقع فيهم الخلف (٢) فاضطرّوا إلى الرحيل عن عسقلان؛ فاغتنم الأفضل رحيلهم عنه فركب البحر وقد ساءت حاله، وذهبت أمواله، وقتلت رجاله، وسار إلى القاهرة. ولم يعد بعد هذه الحركة إلى الخروج بنفسه فى حرب البتّة.

وكان ملك الفرنج بالقدس كندفرى.

وفيها توفى أبو الحسن على بن الحسن بن الحسين بن محمد الموصلى الحنفى المحدث (٣)، فى ثامن عشر ذى الحجة.


(١) وكانت عدة الصليبيين المهاجمين نحو عشرة آلاف بينما كان عدد المسلمين المدافعين ضعف هذا العدد، وكانت هزيمة المسلمين رغم هذا العدد الكبير بسبب سرعة الفرنج ومباغتتهم المسلمين قبل أن يستكملوا استعدادهم. انظر كتاب:
The Crusaders in the East;p .٣٥. ويقول النويرى إن أهل عسقلان صالحوا الفرنج على عشرة آلاف دينار، وقيل عشرين ألفا، فرحلوا عنها إلى القدس.
(٢) نشب الخلف بين جودفرى صاحب بيت المقدس وريموند الأول الذى تولى طرابلس: نفس المصدر: p .٣٥ .
(٣) القاضى الموصلى الأصل المصرى الفقيه الشافعى (فى الأصل: الحنفى) المعروف بالخلعى. ولد بمصر فى أول سنة خمس وأربعمائة؛ وسمع الحديث ورواه؛ وكان مسند الديار المصرية فى وقته. النجوم الزاهرة: ١٦٤:٥.