والثغور إلا إليه ولا تفرق إلا منه، وتكون أسمطة الأعياد فيه؛ وتوسع في رواتب القصور من كل صنف؛ وزيادة رسم منديل الكم. فقال المأمون: سمعا وطاعة؛ أما الكسوات والجبايات والأسمطة فما تكون إلا بالقصور، وأما توسعة الرواتب فما ثم من يخالف الأمر، وأما منديل الكم فقد كان الرسم في كل يوم ثلاثين دينارا يكون في كل يوم مائة دينار؛ ومولانا، سلام الله عليه، يشاهد ما يعمل بعد ذلك في الركوبات وأسمطة الأعياد وغيرها. ففرح الخليفة. وقال المأمون: أريد بهذا مسطوراً بخط أمير المؤمنين، ويقسم لي فيه ألا يلتفت لحاسد ولا ينقبض؛ ومهما ذكر عني يطلعني عليه، ولا يأمر فيّ بأمر سراً ولا جهراً يكون فيه ذهاب نفسي وانحطاط قدري، وتكون هذه الأيمان باقية إلى وقت وفاتي، فإذا توفيت تكون لأولادي ولمن أخلفه بعدي.
فحضرت الدواة، وكتب ذلك جميعه، وأشهد الله في آخرها على نفسه. فعندما حصل الخط بيد المأمون وقف وقبل الأرض وجعله على رأسه، وكان الخط نسختين، فلما قبض على المأمون في رمضان سنة تسع عشرة وخمسمائة، كما سيأتي إن شاء الله، أنفذ الخليفة طلب الأمان، فأنفد إليه نسخة منهما فحرقها وبقيت النسخة الأخرى فأعدمت.
وفيها أنشأ المأمون الجامع الأقمر بالقاهرة، وكان مكانه دكاكين علافين.
في هذه السنة هبت بمصر ريح سوداء ثلاثة أيام، فأهلكت شيئا كثيرا من الناس والحيوان.