للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة احدى وتسعين وثلاثمائة (١)

فى المحرم واصل الحاكم الرّكوب فى اللّيل فى كلّ ليلة؛ وكان يركب إلى موضع موضع وإلى شارع شارع وإلى زقاق زقاق. وأمر الناس بالوقيد (٢)، فتزايدوا فيه بالشوارع والأزقة، وزيّنت الأسواق والقياسر (٣) بأنواع الزينة، وباعوا واشتروا، وأوقدوا الشموع الكبيرة طول الليل؛ وأنفقوا الأموال الكثيرة فى المآكل والمشارب والغناء واللهو. ومنع الرّجال المشاة بين يدى الحاكم أن يقرب أحد من الناس الحاكم، فزجرهم، وقال لا تمنعوا أحدا، فأحدق الناس به وأكثروا من الدّعاء له. وزينت الصناعة (٤)، وخرج سائر الناس بالليل للتفرج وغلب النساء الرجال على الخروج فى الليل، وتزايد الزحام فى الشوارع والطرقات؛ وتجاهروا بكثير من المسكرات، وأفرط الأمر من ليلة التاسع عشر إلى ليلة الرابع والعشرين فلما خرج الناس عن الحدّ أمر الحاكم ألا تخرج امرأة من العشاء، فإن ظهرت نكّل بها، ومنع الناس من الجلوس فى الحوانيت.

وهبت فى أول يوم من طوبة سموم لم يعهد مثله.

وورد سابق الحاجّ، ثم قدمت قافلة الحاج فى سادس عشر صفر.


(١) ويوافق أول المحرم منها الأول من ديسمبر سنة ١٠٠٠.
(٢) وقدت النار - من باب وعد - توقدت وقودا بالضم، و وقيدا بالفتح، ووقدة بالكسر، ووقدا و وقدانا بفتحتين فيهما. مختار الصحاح والمقصود تزيين المدينة بإضاءة الأنوار.
(٣) جمع قيسارية بمعنى السوق. قوانين الدواوين: ٣٨٧، ٤٥٧. وأصل الكلمة إغريقى ولاتينى «Caesaria» نفس المصدر.
(٤) المكان المخصص لإنشاء السفن، والحربى منها خاصة. وأول دار الصناعة أنشئت فى مصر على ساحل جزيرة الروضة، ثم نقلت على عهد الاخشيذيين إلى ساحل مصر (الفسطاط)، وانتقلت زمن الفاطميين إلى المقس فى موقع ميدان محطة مصر الحالية. وفى عهد الآمر الفاطمى أعيدت إلى موقعها السابق بساحل مصر الفسطاط. الخطط: ٤٨٢:١، ٤٨٣؛ النجوم الزاهرة: ٩٩:٤.