للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة (١)

فى حادى عشر المحرّم ورد سابق الحاج فأخبر أن عدن احترقت كلّها وتلف فيها من المال ما لا يعرف له قيمة لكثرته.

وفى ليلة الرابع [من صفر (٢)] مات قاضى القضاة محمد بن النعمان فركب الحاكم وصلى عليه. وله من العمر تسع وأربعون سنة إلا يوما؛ ومولده لثلاث خلون من صفر سنة أربعين وثلاثمائة؛ وكانت مدّة ولايته القضاء بمصر وأعمالها أربع عشرة سنة وستة أشهر وعشرة أيام.

ودفن بداره ثم نقل إلى القرافة؛ وقيدت دوابه إلى الاصطبل. وترك عليه دينا للأيتام وغيرهم عشرين ألف دينار، وقيل ستّة وثلاثين ألف دينار؛ فبعث برجوان كاتبه أبا العلاء [فهد بن ابراهيم] فختم على جميع ما ترك القاضى، ولم يمكّن ورثته من شيء، وباع ذلك كله. وطالب الأمناء والعدول بأموال اليتامى المتبقّية عليهم فى ديوان القضاء، فزعموا أن القاضى قبضها، وأقام بعضهم بيّنة على ذلك وعجز بعضهم، فأغرم من لم يقم بينة ما ثبت عليه. فاجتمع من البيع والأمناء ثمانية عشر ألف دينار، أخذها الغرماء بحق النصف مما لهم. وأمر الحاكم ألاّ يودع عند عدل ولا أمين شيء من أموال اليتامى، وأن يكتروا مخزنا فى زقاق القناديل (٣) وتودع فيه أموال اليتامى، فإذا أرادوا دفع أموال اليتامى حضر أربعة من ثقات القاضى، وجاء كل أمين فأطلق لمن يلى عليه رزقه بعد مشورة القاضى فى ذلك، فكتب على الأمين وثيقة بما يقبضه من المال لمن يلى عليه.

ورجم فى ولايته رجلا زنى فى ربيع الأول سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة. وكان أكثر أيامه


(١) ويوافق أول المحرم منها الثالث والعشرين من ديسمبر سنة ٩٩٨.
(٢) ما بين الحاصرتين غير موجود بالأصل، وقد زيد استعانة بما سيجئ بعد كلمات.
(٣) كان زقاق القناديل من الدروب الشهيرة التى سكنها الأعيان بمدينة الفسطاط زمن انتعاشها، وقد زال بزوالها. ومكانه اليوم أرض فضاء مجاورة لجامع عمرو بن العاص من جهة الشرق.