للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة ثلاث وخمسمائة (١):

فيها سار الفرنج نحو بيروت، وعملوا عليها برجا من الخشب، وزحفوا، فكسره أهل بيروت. وقدم الخبر بذلك على الأفضل، فجهّز تسعة عشر مركبا حربيّة، فوصلت سالمة إلى بيروت وقويت على مراكب الفرنج، وغنيمت، ودخلت إلى بيروت بالميرة والنّجدة، فقوى أهلها بذلك. وبلغ بغدوين الخبر، فاستنجد بالجنويّة، فأتاهم منهم أربعون مركبا مشحونة بالمقاتلة؛ فزحف على بيروت فى البرّ والبحر، ونصب عليها برجين، وقاتل أهلها فى يوم الجمعة الحادى والعشرين من شوّال؛ فعظمت الحرب، وقتل مقدّم الأسطول وكثير من المسلمين؛ ولم ير للفرنج فيما تقدّم أشدّ من حرب هذا اليوم. فانخذل المسلمون فى البلد، وهجم الفرنج من آخر النهار فملكوه بالسيف قهرا؛ وخرج متولّى بيروت فى أصحابه وحمل فى الفرنج، فقتل من كان معه، وغنم الفرنج ما معهم من المال ونهبوا البلد، وسبوا من فيه وأسروا، واستصفوا الأموال والذخائر. فوصل عقب ذلك من مصر نجدة فيها ثلاثمائة فارس إلى الأردنّ تريد بيروت، فخرج عليها طائفة من الفرنج، فانهزموا إلى الجبال، فهلك منهم جماعة (٢).

وفيها سار الأسطول من مصر إلى صور ليقيم بها (٣)، فاتّفق وصول ابن كند ملك الفرنج فى عدّة مراكب لزيارة القدس والجهاد فى المسلمين؛ فزار القدس، وسار هو وبغدوين إلى صيدا، فنازلاها بجمعهما وعملا عليها برجا من خشب (٤)، وزحفا عليها؛ فلم يتمكن الأسطول من الوصول إليها (٥).


(١) ويوافق أول المحرم منها الحادى والثلاثين من يوليو سنة ١١٠٩.
(٢) وكان قد وصل إلى بيروت قبل ذلك تسعة عشر مركبا حربيا من الأسطول المصرى تمكنت من دخول بيروت محملة بالميرة فقويت بها نفوس أهلها. ذيل تاريخ دمشق: ١٦٨.
(٣) يذكر أبو المحاسن أن الأسطول قد وصل بعد أن أخذت البلاد فعاد إلى مصر. بينما يذكر النويرى أن الأسطول الذى وصل، وكان فى الأصل مرسلا لنجدة طرابلس، وصل بعد أخذ البلد - طرابلس - بأيام وفيه ما يكفى البلد من الرجال والميرة مدة سنة، ففرق أحماله على الجهات المجاورة لها: صيدا وصور وبيروت. ولعل نصيب بيروت هو المراكب التسعة عشر التى سبقت الإشارة إليها. النجوم الزاهرة: ١٨٠:٥؛ نهاية الأرب: ٢٨.
(٤) اشترك فى هذا الهجوم أسطول من النرويج وآخر من البندقية:، ٦٠ - ٥٩ The Crusaders in the East;pp .
(٥) بهامش الأصل هنا عبارة تقول: بياض نحو ربع صفحة.