المسلمين لتأخّر أسطول مصر عنهم، فكان قد سار من مصر إليها بالميرة والنجدة فردّته الرّيح لأمر قدّره الله. فشد الفرنج فى قتالهم وهجموا من الأبراج، فملكوها بالسيف فى يوم الاثنين الحادى والعشرين من ذى الحجّة، ونهبوا ما فيها، وأسروا رجالها، وسبوا نساءها وأطفالها؛ فحازوا من الأمتعة والذخائر ودفاتر دار العلم وما كان فى خزائن أربابها ما لا يحدّ عدده ولا يحصى فيذكر. وسلّم الوالى لها فى جماعة من جندها كانوا قد طلبوا الأمان قبل ذلك؛ وعوقب أهلها واستصفيت أموالهم واستقهرت ذخائرهم، ونزل بهم أشد العذاب.
وتقرّر بين الفرنج والجنويّين الثلث من البلد وما نهب منه للجنويّين والثّلثان لريمند ابن صنجيل؛ وأفردوا للملك بغدوين ما رضى به.
ثم وصل أسطول مصر ولم يكن خرج فيما تقدم معه كثرة رجال ومراكب وعدد وغلال لحماية طرابلس فأرسى على صور فى اليوم الثامن من أخذ طرابلس وقد فات الأمر فيها، فأقام مدّة، وفرّقت الغلّة فى جهاتها. وتمسّك أهل صور وصيدا وبيروت به لضعفهم عن مقاومة الفرنج، فلم تمكنه الإقامة، وعاد إلى مصر.