للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة تسع عشرة وخمسمائة (١)

فيها قبض الخليفة الآمر على وزيره المأمون فى ليلة السبت لأربع خلون من شهر رمضان، وقبض على إخوته الخمسة مع ثلاثين رجلا من أهله وخواصّه، واعتقله. فوجد له سبعون سرجا من ذهب مرصع ومائتا صندوق مملوءة كسوة بدنه. ووجد لأخيه المؤتمن أربعون سرجا بحلى ذهب وثلاثمائة صندوق فيها كسوة بدنه، ومائتا سلة ما بين بلّور محكم وصينى لا يقدر على مثلها، ومائة برنية مملوءة كافور قنصورى؛ ومائة سفط مملوءة عودا؛ ومن ملابس النساء ما لا يحدّ. حمل جميع ذلك إلى القصر، وصلبه مع إخوته فى سنة اثنتين وعشرين.

ويقال إنّ سبب القبض عليه أنه بعث إلى الأمير جعفر بن المستعلى، أخى الآمر، يعزّيه بقتل أخيه الخليفة ووعده أنه يعتمد مكانه فى الخلافة؛ فلما تعذر ذلك بينهما بلغ الشيخ الأجلّ، أبا الحسن على بن أبى أسامة، كاتب الدست، وكان خصيصا بالآمر قريبا منه، وكان المأمون يؤذيه كثيرا. فبلغ الخليفة الحال، وبلغه أيضا أنه بلغ نجيب الدولة أبا الحسن إلى اليمن (٢) وأمره أن يضرب السّكة ويكتب عليها: الإمام المختار محمّد بن نزار.

ويقال إنه سمّ مبضعا ودفعه لفصّاد الخليفة، فأعلم الفصّاد الخليفة بالمبضع.

ومولده فى سنة ثمان وسبعين وأربعمائة، وقيل فى سنة تسع. وكان من ذوى الآراء والمعرفة التامة بتدبير الدّول، كريما، واسع الصدر، سفّاكا للدّماء، شديد التحرّز، كثير التطلّع إلى أحوال النّاس من الجند والعامّة؛ فكثر الواشون والسّعاة بالناس فى أيامه.


(١) ويوافق أول المحرم منها السابع من فبراير سنة ١١٢٥.
(٢) هو الموفق نجيب الدولة أبو الحسن على بن إبراهيم، الأمير المنتخب عز الخلافة فخر الدولة. كان من رجال الأفضل ابن بدر الجمالى، بدأ خدمته بإشرافه على خزانة الكتب الأفضلية، وذهب إلى اليمن سنة ٥١٣ فى أيام الأفضل وقام بتحركات حربية تأييدا للملكة الحرة، وزاد المأمون البطائحى الوزير من تأييده - بعد مقتل الأفضل - وتقلبت به الأحوال فى اليمن بسبب تعقد الأحوال بها واشتعال الحروب الأهلية المحلية. راجع تفصيل هذا فى تاريخ اليمن للفقيه عمارة اليمنى: ٤٢ - ٤٧.