في سابع المحرم قرىء سجل القاضي أبي محمد اليازوري بالوزارة، ولقب بالوزير الأجل المكين، سيد الوزراء، تاج الأصفياء، قاضي القضاة، وداعي الدعاة، علم المجد، خالصة أمير المؤمنين؛ وخلع عليه. فنظر في الوزارة وليس من أهلها، ولا من أرباب الكتابة، فمضى فيها مضي الجواد، ونهض مسرعاً نهوضا عز به في وجوه من تقدمه، مع ما بيده من قضاء القضاء، والدعوة، والنظر في ديوان السيدة. وكاتب ملوك الأطراف، فأجابوه، بوفور حقه، إلا معز الدولة بن باديس الصنهاجي صاحب إفريقية، فإنه قصر في المكاتبة عما كان يكاتب به من تقدم من الوزراء، فإنه كان يكاتب كلا منهم بعبده فجعل مكاتبته صنيعته. فاستدعى الوزير أبا القاسم ابن الإخوة، وكيل ابن باديس بمصر، وعتب صاحبه عنده، وقال: أن معزاً ينقصني عمن تقدمني؛ إذا لم أكن من أهل صناعة الكتابة، وإن لم أكن أوفى منهم فما أنا دونهم؛ ومن رفعه السلطان ارتفع وإن كان خاملاً، ومن وضع اتضع وإن كان جليلا نبيلاً؛ فاكتب إليه بما يرجعه إلى الصواب. فكتب إليه بذلك؛ وقد أذكى الوزير عليه عيونا يطالعونه بأنفاسه. فلما وقف على كتاب ابن الإخوة قال: ما الذي يريد مني هذا الفلاح؛ لا كنت عبده ولا كان؛ هذا