فيها جمع الأفضل جموعاً كثيرة من العربان وأنفق فيهم أموالا عظيمة، وجهزهم صحبة العساكر مع ابنه شرف المعالي؛ وكتب لظهير الدين أتابك، صاحب دمشق، بمعاونته ومعاضدته على محاربة الفرنج؛ فاعتذر عن حضوره بما هو مشغول به من مضايقة بصرى، فإن أرتاش بن تاج الدولة صاحب بصرى كاتب الفرنج وأغراهم بقتال المسلمين وأطمعهم في البلاد. فسار أتابك من دمشق وحاصر بصرى؛ وجهز عسكراً إلى شرف المعالي تقويةً له على الفرنج، وقدم عليه إصبهبذ صبا وجهارتكين، وعدته ألف وثلثمائة فارس من الأتراك، وعدة عسكر مصر خمسة آلاف فارس.
وأتاهم بغدوين في ألف وثلثمائة فارس وثمانية آلاف راجل. فاجتمعت عساكر المسلمين بظاهر عسقلان، ودارت بينهم وبين الفرنج حروب كان ابتداؤها في الرابع عشر من ذي الحجة فيما بين عسقلان ويافا؛ فانكسرت عساكر المسلمين واستشهد فوق الألف من المسلمين منهم جمال الملك صنيع الإسلام والي عسقلان، وأخذ الفرنج رايته؛ وأسر الفرنج زهر الدولة بنا الجيوشي. وقتل ألف ومائتان من الفرنج، ورجعوا وقد كانت الكرة لهم على المسلمين. وعاد عسكر دمشق إلى أتابك وهو على بصرى.
وفيها مات كنز الدولة محمد في ثامن شعبان، وقام من بعده أخوه فخر العرب هبة الله.